للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولمالك والشافعيِّ ما في «الصحيحين» عن عائشةَ: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَفْرَدَ بالحجِّ. انتهى بلفظ مُسْلم بِطُوله والبخاري. وفيهما عن ابن عُمَر قال: أَهْلَلْنَا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالحَجِّ مُفْرِداً. وفي لفظٍ: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَهَلَّ بالحَجِّ مُفْرِداً. وفي مُسْلم عن جابر قال: أَقبلنا مُهِلِّين مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالحجِّ مُفْرِداً. وفيهما من حديث جابر قال: أَهْلَلْنَا مَعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالحجِّ خَالِصاً لا يُخَالِطُه شيءٌ. فَقَدِمْنَا مَكَّةَ لأَربعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذي الحجة وطُفْنَا وسَعَيْنَا، ثُم أَمَرَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ نَحِلَّ، وقال: «لولا هَدْيِي لَحَلَلْتُ»، ثُمّ قام سُرَاقةُ بن مالك فقال: يا رسولَ اللهِ أَرأَيتَ مُتْعَتَنَا هذه، لِعَامِنَا هذا أَمْ للأَبَدِ؟ فقال صلى الله عليه وسلم «بل للأَبدِ».

قال «البِرْمَاوي»: قوله: «لولا هَدْيي لحَلَلْتُ» هذا مُعَلَّلٌ بقوله تعالى: {ولا تَحْلِقُوا رؤوسَكُم حتى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} (١) ، وفَسْخُ الحج إِلى العمرة يَقْتَضِي التَّحْلِيل بالحَلْقِ بعد الفراغِ مِنْ العُمرة، ولو تَحَلَّل لَحَصَل الحَلْقُ قَبْل بلوغِ الهَدْي مَحلّه ـ وهو مِنىً ـ يومَ النحر. انتهى. والمعنى: بلوغ هَدْي الحج، ومحله أَرض الحَرَم مطلقاً، وإِنَّما ذكر مِنىً، لأَنه أَفْضَلُ أَمَاكِنِهِ في هَدْي (الحَجِّ، كما أَنَّ المروة أَفضلُ أَمَاكِنِ هَدْيِ) (٢) العمرة. فتأَمل. ثمَّ قوله: «أَرَأَيت مُتْعَتَنا هذه» أَي إِتيان العمرةِ في أَشهر الحج حتى صار تمتعاً لا فَسْخ الحج إِلى العمرة، لأَنه ليس للأَبد بل خَاصٌّ لأَصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم عند الجمهور خلافاً لأَحمد.

ولنا ما في «الصحيحين» من حديث عبد العزيز بن صُهَيْب عن أَنس قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بالحج والعُمرةِ يقول: «لَبَّيك حجةً وعمرةً». وفيهما واللفظُ لمُسْلم عن بَكْر بن عبد الله المُزَني، عن أَنس قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بالحجِّ والعُمرة جميعاً. قال بَكْرٌ: فَحَدَّثَهُ بذلك ابنُ عمرَ قال: لَبَّى بالحج وَحْدَه، فلَقيتُ أَنساً فَحَدَّثْتُه بِقَولِ ابن عمر فقال أَنسٌ: ما تعدوننا إِلاَّ صِبْياناً، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لبيك عمرة وحجّاً». وفيهما أَيضاً: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَبَّيكَ عمرةً وحَجَّاً». وفيهما عن أَنس أَيضاً قال: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عُمَر كلهنَّ في ذي القِعدة إِلاَّ التي مع حجَّته: عُمرة الحديبية في ذي القِعدة، وعمرة من العام المُقْبل في ذي القعدة، وعمرة من الجِعرانة من حيث قسم غنائم حنين في ذي القِعدة، وعمرة مع حجته ـ أَي مقرونة ـ.


(١) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).
(٢) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>