للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عَتَقَ بإعتاقٍ، أو بفَرْعٍ له، أو بمِلْك قَرِيبِه إِيَّاه، فَوَلاؤُه لسيِّدِه، وإن شَرَطَ عدمه.

ومن أعتَقَ أَمَةً زوجُها قِنٌّ، فله ولاءُ الوَلَدِ،

===

نِعمة، قال الله تعالى: {وإذ تقولُ للذِي أنْعَمَ الله عليه} (أي بالإسلام {وأنعمت عليه} (١) أي بالعتق وهو زيد بن حَارِثة. وولاء الموالاة، قال الله تعالى: {والذين عَقَدَتْ أيمانُكُم فآتُوهُم نَصِيْبَهُم} (٢) ، سنذكر بيان مَوْلى المُوالاة. وإنما ذَكَرَ المصنفُ ولاء العَتَاقة فقط، لأنه أكثر وأقوى فقال:

(من عَتَقَ) أي حصل له عِتقٌ وخلاصٌ من رِقَ (بإعتاق، أو بفَرْعٍ له) أي الإعتاق، كالكتابة والتَّدْبير والاستيلاد (أو بمِلْك قريبه إياه، فَوَلاؤُه لسيده) ذكراً كان أو أنثى، مفرداً أو غيره.

(وإن شَرَطَ عدمه) أي نفى ولاية لسيده. لما روى أصحاب الكتب الستة من حديث عائشة: أنها لما اشترت بَرِيْرَة اشترط أهلها أن يكون ولاؤها لهم، فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أعتقيها، فإنما الوَلاءُ لمن أعتَقَ» وهو بعمومه يتناول جميع أفراده.

وما رواه الشافعي في «مسنده» عن محمد بن الحسن، عن أبي يوسف القاضي ـ يعقوب بن إبراهيم ـ عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الوَلاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمة النَّسَب، لا يُباع ولا يُوهب». وله طرق أُخر، منها: ما رواه الطبراني عن عبد الله بن أبي أَوْفَى. ومنها: ما رواه الحاكم في «مستدركه»، والبيهقي عن ابن عمر. وفي رواية أحمد والطبراني عن ابن عباس: «الولاء لمن أعتَقَ»، وفي رواية الشيخين، والثلاثة عن عائشة: «الولاء لمن أعطى الوَرِقَ، ووَلِيَ النِّعمة».

(ومن أعتَقَ أَمَةً زوجها قِنٌّ) (٣) فولدت لأقل من نِصف حَوْل من وقت الإعتاق، أو لأكثر منه (فله) أي للمعتِقِ (ولاءُ الولد) لأن أباه قِنٌّ لا ولاء له، وقد دخل هو مع الأم في عتقها لاتصاله بها حين العتق أو بعده، فيتبعها في الوَلاءِ إلا أنَّ ولاءها لا ينتقل في الأقل من نِصف الحَوْل أبداً، لأنا تيقنا بوجود الولد وقت العتق، فلا ينتقل ولاؤه عن مولى الأم.


(١) سورة الأحزاب، الآية: (٣٧).
(٢) سورة النساء، الآية: (٣٣).
(٣) عبارة المطبوع (ومن أعتق أمتَه وزوجُها قِنٌّ). القِنُّ: الرقيق الكامل الرِّق، إذا لم يحصل فيه شيء من أسباب العتق أو مقدماته، كالمكاتبة والتدبير. معجم لغة الفقهاء ص ٣٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>