للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أُعتِقَ جَرّ وَلاءَ ابنه إلى قَوْمِه، إن كان بين إعتاقِ الأم وولادَتِهَا أكثرُ من نِصْفِ حَوْل. والمُعتِقُ عَصَبَةٌ، قدَّمَ النَّسَبيةَ عليه، وهو على ذي الرَّحِم،

===

(فإن أُعتِقَ) القِنُّ بعد الأُمِّ (جَرّ) القِنُّ (ولاء ابنه إلى قومه) أي مواليه (إن كان بين إعتاق الأم وولادتها أكثرُ من نِصف حَوْل) لأنه وقت الإعتاق لم يتيقن به، فلم يعتق قصداً بل تبعاً، بخلاف الأول. وهذا إذا لم تكن معتدة، لأنها لو كانت معتدةً وولدتْ لأكثر من ستة أشهر من وقت العتق، ولأقل من سنتين من وقت الفِرَاق، لا ينتقل ولاؤه، لأنه كان موجوداً عند عتق الأم، ولهذا ثبت نَسَبُه.

فقد روى مالك في «الموطأ» عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن الزبير بن العَوَّام اشترى عبداً فأعتقه وللعبد بَنُوَن من امرأة حُرَّة، فقال الزبير: هم مَوَاليَّ، وقال موالي أُمِّهم: هم موالينا، فاختصموا إلى عثمان بن عفان، فقضى للزبير بولائهم. وهذا لأن الولاء لُحْمَةٌ كلُحمةِ النسب، وهو إلى الآباء. وكما أن النسب يكون للأُمِّ (١) عند الضرورة ثم ينتقل عنها إلى الأب كولد الملاعنة يُنسب إلى أُمه، ثم إذا أكذب الأب نفسه انتقل عنها إلى أبيه، فكذلك الوَلاء يكون لموالي الأم عند الضرورة، ثم ينتقل عنهم عند زوالها إلى موالي الأب.

(والمُعتِقُ عَصَبَةٌ) بنفسه يأخذ ما بقي من أصحاب الفروض إن وُجِدوا، وجميعَ المال إذا فقدوا، لأنه أحيا العبد بالإعتَاقِ، فأشبه إحياءَ الأب بالوِلادة. (قدَّمَ) العصبة (النَّسَبية عليه) وهم: مَنْ لا فرض له، ولا يدخل في نسبته إلى الميت أُنثى (وهو) أي المعتِق قُدِّم (على ذي الرَّحِم) وفي بعض النُسخ: ذي الرَّحِمِ المَحْرَم، وهو من خطأ الناسخ. وإنما قدَّمَ المعتِقَ على ذي الرحم لما روى النسائي وابن ماجه من حديث

عبد الله بن شداد، عن ابنه حمزة بن عبد المطلب قال: مات مولىً لي وترك ابنة له، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله بيني وبين ابنته، فجعل لي النصف ولها النصف.

وفي «مسند الدارمي» عن الحسن: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل، فقال: إني اشتريت هذا فأَعْتِقه، فما ترى فيه؟ قال: «هو أخوك ومولاك (قال: ما ترى في صحبته؟ قال:) إن شكرك فهو خير له وشر لك، وإن كفرك فهو شر له وخير لك»، قال: فما ترى في ماله؟ قال: «إن مات ولم يَدَع وارثاً فتملك ماله» (٢) . وفي رواية عبد الرزاق قال:


(١) في المطبوع: للابن، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من المخطوط.
(٢) الذي في سنن الدارمي ٢/ ٤٦٨، كتاب الفرائض (٢١)، باب الولاء (٣١)، رقم (٣٠١٢): "إن مات ولم يترك عصبة فأنت وارثه". والذي في المخطوط: "ولم يدع وارثًا فلك ماله" وما بين الحاصرتين منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>