فإن مات السيدُ ثم المعتَقُ، فولاؤُه لأَقْرَبِ عصبةِ سَيِّده على الترتيب. ولا وَلاءَ للنِّساء إلا ما أَعْتقْن.
===
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لم يكن له عَصَبةٌ فهو لك». وروى عبد الرزاق في «مصنفه» عن مَعْمَر، عن قَتادة: أن زيد بن ثابت كان يُورِّث الموالي دون ذوي الأرحام. وعمر وابن مسعود كانا يورثان ذوي الأرحام دون الموالي.
(فإن مات السيدُ ثم المعتَقُ، فولاؤُه) أي إرثه (لأقرب عصبة سيده على الترتيب) الذي يُذكر في الفرائض، لقول عمر، وعلي، وابن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبي مسعود الأنصاري، وأسامة بن زيد: الوَلاء للكُبْر. وبه أخذ علماؤنا. وكان شُريح يقول: الوَلاءُ بمنزلة الملك. وفي نُسخة بزيادة: المال. وفائدة هذا الاختلاف أن ميراث المعتَق (بالولاء بعد المعتِقِ)(١) يكون لابن المعتِق دون بنته عندنا. وعند شريح بين الابن والبنت، للذكر مثل حظ الأُنثيين.
وهذا معنى قول الصحابة: الوَلاءُ للكُبْر، أي للقرب. وتفسيره: أن رجلاً لو أعتق عبداً ثم مات وترك ابنين، ثم مات أحدهما وترك ابناً، ثم مات، فميراثه لابن المعتِقِ لِصُلْبه دون ابن ابنه، لأن ابن المعتِقِ لِصُلبه أقرب إليه من ابن ابنه، ولهذا كان أحق بميراثه، فكذلك بالإرث لولائه.
(ولا ولاء للنساء إلا ما أعتقن) كما في الحديث في «شرح الوقاية» عبارة هذا الحديث: «ليس للنساء من الولاءِ إلا ما أعتقْنَ، أو أعتَقَ من أعتقن، أو كاتبن أو كاتب من كاتبن، أو دبَّرْن أو دبَّر من دبَّرن، أو جرَّ ولاء مُعتقِهنَّ». أو معتَقِ مُعتِقِهنَّ. انتهى. وهذا ليس بموجود في كتب الحديث، وإنما فيها ما روى البيهقي عن علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت: أنهم كانوا يجعلون الوَلاء للكُبْر من العصبة ولا يورِّثون النساء من الولاء إلا ما أعتَقْن أو أعتَقَ مَنْ أعتقن. وما روى ابن أبي شيبة عن الحسن أنه قال:«لا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقْنَ أو أعتَقَ من أعتقن. وعن عمر بن عبد العزيز أنه قال: «لا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقْنَ أو كاتبْنَ». ورُوي نحوه عن ابن سيرين، وابن المسيَّب، وعطاء، والنَّخَعي.
والحاصل: أن هذا الحديث لا يثبت رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكن قال في «المبسوط»: والحديث وإن كان شاذاً، فقد تأكد بما اشتهر من أقاويل الكبار من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم. وزبدة كلامه أنه في حكم المرفوع ومقامِهِ، إذ لا