للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَرْفَعُ اليَدَ إلَّا في التَّكْبيرِ الأَوَّلِ. ويَقُومُ الإِمَامُ بِحِذَاءِ الصَّدْرِ.

===

حتى يكبر الإمام، فكبر معه. وقال أبو يوسف: يكبر، ولا ينتظر الإمام، كما لو كان حاضراً في تلك التكبيرة، فإنه لا ينتظر التكبيرة الثانية اتفاقاً لأنه كالمُدْرِك لسائر الصلاة. ولهما (١) : أن كل تكبيرة قائمة مقامَ ركعة، لقول الصحابة: أربع كأربع الظهر. ولذا لو ترك تكبيرة منها، فسدت صلاته. كما لو ترك ركعة من الظهر، فلو لم ينتظر تكبيره، لكان قاضياً ما فاته قبل أداء ما أدرك معه، وذا منسوخ لِمَا سبق من حديث مُعَاذ.

وثمرة الخلاف تظهر فيمن جاء بعد التكبيرة الرابعة وقبل السلام، فعندهما: لا يدخل مع الإمام، وقد فاتته الصلاة.

وعنده: يدخل. والمسبوق في صلاة الجِنَازة يقضي ما فاته متوالياً بغير دعاء، وإذا رُفِعَتْ الجِنَازة على الأعناق قطع. وقيل: لا يقطع إن كان الجِنَازة إلى الأرض أقرب (٢) .

(ولا يَرْفَعُ اليَدَ إلاَّ في التَّكْبيرِ الأَوَّلِ) وهو قول الثَّوْرِي. وعن مالك ثلاث روايات: الرفع في الجميع، والترك في الجميع، والرفع في الأول فقط. قال الشافعي، وأحمد: يرفع في الجميع. ولنا: ما روى الترمذي عن أبي هُرَيْرَة: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى على الجِنَازة رفع يَديْه في أول تكبيرة، ثم وضع يَدَه اليُمْنَى على اليُسْرَى». واختار كثير من مشايخ بَلْخ: الرفع في كل تكبيرة، لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ في «علله»، عن ابن عمر: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى على الجِنَازَة، رفع يديه في كل تكبيرة، وإذا انصرف سَلَّمَ». لكن قال الدَّارَقُطْنِيّ: والصواب أنه موقوف على ابن عمر.

قلت: ويقوي ظاهر المذهب ما تقدم من حديث: «لا تُرْفَع الأيدي إلاَّ في سبع مواطن … » (٣) ، الحديث. وقول ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجِنَازة في أول تكبيرة، ثم لا يعود. رواه الدَّارَقُطْنِيّ، وسكت عنه.

(ويَقُومُ الإِمَامُ بِحِذَاءِ الصَّدْرِ) من الرجل والمرأة في ظاهر الرواية، لقول أبي غالب: «صلّيت خلف أنس على جِنَازة، فقام حِيَال صدره». رواه أحمد. وأما ما في «الصحيحين»: «أنه عليه الصلاة والسلام صلّى على امرأة ماتت في نِفَاسها، فقام وسَطَها». فهو لا يُنَافي كونه الصدر، بل الصدر وسط باعتبار الأعضاء، إذ فوقه يداه ورأسه، وتحته بطنه وفَخِذَاه. ويحتمل أنه وقف كما قلنا، إلا أنه مال إلى العَوْرة في


(١) أي: للطرفين: أبي حنيفة محمد.
(٢) عبارة المخطوط: قيل: يقطع إن لم تكن الجنازة …
(٣) تقدم تخريجه ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>