للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الإِخْرَاجُ منها لأَخْرَجَ صَاعاً. وعن أَحاديثَ غيرهِ وزيادة الحاكم بأَنها ضعيفةٌ كما بُيِّنَ في محله، ولئن سَلَّمْنَا التكافؤ في السَّمْعِيَّاتِ كان ثبوتُ الزيادةِ على مُدَّيْنِ مُنْتَفِياً، إِذْ لا يُحْكم بالوجوبِ مَعَ الشك.

ثُمَّ الصَّاعُ ثَمانِيةُ أَرطالٍ عراقيةٍ عند أَبي حنيفةَ ومحمد. وعن أَحمد ما يَدُلُّ عليه، وهو اختيار بعضِ الصحابة. وقَدَّره أَبو يُوسفَ بخمسةٍ وثُلُثٍ، كما قال مالك والشافعيُّ، لما روى البيهقيُّ عن الحسن بن الوليد القُرَشِي ـ وهو ثِقَةٌ ـ قال: قَدِمَ علينا أَبو يوسف من الحَجِّ فقال: إِنِّي أُريدُ أَنْ أَفتح عليكم باباً من العلم أَهَمَّنِي، ففحصت عنه، فَقَدِمْتُ المدينة، فسأَلتُ عن الصَّاع فقالوا: صاعُنَا هذا صاعُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قلت لهم: ما حُجَّتُكُم في ذلك؟ فقالوا: نأْتيك بالحجة غداً، فَلَمَّا أَصبحتُ أَتاني نَحْوٌ مِنْ خمسينَ شَيْخاً مِنْ أَبناء المهاجرين والأَنصار، مع كُلِّ رَجُلٍ منهم الصَّاع تحت رِدَائِه، كُلُّ رجلٍ منهم يُخْبِر عن أَبيه وأَهل بيته أَنَّ هذا صاعُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَنَظَرْتُ فإِذا هي سواءٌ، قال: فعيَّرتُهُ فإِذا هي خَمْسَةُ أَرطالٍ وثُلُثٌ بنقصان يسيرٍ. قال فرأَيتُ أَمْراً قوياً فتركتُ قولَ أَبي حنيفةَ في الصَّاعِ فأَخَذْتُ بِقَوْلِ أَهْلِ المدينة، هذا هو المشهور عنه.

ورُوي أَنَّ مَالِكاً ناظره، واحْتَجَّ عليه بالصِّيعَانِ التي جاءَ بِها أُولئك الرَّهْطُ، فرجع أَبو يوسف إِلى قوله. وأَخْرَجَ الطَّحاوي عن أَبي يوسف أَنَّه قال: قَدِمت المدينةَ فأَخْرَج إِليَّ مَنْ أَثِقُ به صاعاً وقال: هذا صاعُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُه خَمْسَةَ أَرطالٍ وثُلُثَ (١) رِطَل. قال الطحاوي: وسمعت عن ابن أَبي عِمْرَان يقول: يقال: إِنَّ الذي أَخرجه إِلى أَبي يوسف هو مالك، وسمعت أَبا حازم يذكر عن مالك أَنه قال: هو تَحَرِّي عبد الملك لِصَاعِ عمر.

ولأَبي حنيفة ومحمد ما رَوى النَّسائي عن موسى الجُهَنِي قال: أَتَى مجاهدٌ بِقَدَحٍ حَزَرْتُه ثمانيةَ أَرطال ـ أَي خَمَّنْتُهُ وقَدَّرْتُه ـ فقال: «حَدَّثَتْنِي عائشة أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يَغْتَسِل بِمِثْلِ هذا. وما روى أَحمد وأَبو داود عن أَنَسٍ قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتوضأ بماءٍ يكونُ رطلين، ويغتسل بالصاع، يعني مع الوضوء في ضِمْنِهِ. وما روى الدَّارَقُطْنِيّ في «سُننه» عن أَنس وعائشة: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأُ بالمُدّ برطلين، ويغتسل بالصَّاع ثمانية أَرطال.


(١) في المخطوطة: ثُلُثًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>