للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

مَدَح أَباه وأُمَّه، وقال آخَرون: قد كان لأبيه وأُمِّه مدحٌ غير هذا، نرى أَنْ تجلدَه الحد، فجلده عمرُ إِلى ثمانين.

ولنا ما رواه الشيخان من حديث أَبي هُرَيْرَة: أَنْ أَعرابياً قال: يا رسول الله إِنْ امرأَتي ولدت غلاماً أَسودَ. قال: «هل لك من إِبل؟» قال: نعم. قال: «ما أَلوانها؟» قال: حُمْرٌ. قال: «فهل فيها من أَوْرَق»؟ ـ أَي: ما في لونه بياض وسواد ـ، قال: إِنْ فيها لَوُرْقَاً (١) . قال: «فأَنَّى أَتاها ذلك؟» قال: لعله نزعه عِرْق (٢) . قال: «وكذلك هذا الولد لعله نزعه عِرْقٌ». وترجم عليه البخاري: باب إِذا عَرّض بنفي الولد. وزاد في لفظٍ: وإِني أَنكرته، يعرّض بأَنه ينفيه.

وما روى أَبو داود والنَّسائي من حديث ابن عباس قال: جاء رجلٌ إِلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إِنْ امرأَتي لا تمنع يد لامسٍ. قال: «غَرِّبْهَا» (٣) ـ بتشديد الرَّاء (٤) المكسورة أَي اجعلها غريبة (٥) ، يعني: طلّقها، كما في بعض الروايات ـ قال: أَخاف أَنْ تتبعها نفسي، قال: «فاستمتع بها». وفي روايةٍ: «فأَمسكها». وقوله: لا تمنع يد لامسٍ، كنايةٌ عن زناها.

وأَيضاً إِنْ الله تعالى فرَّق بين التعريض بالخِطبة في العدة فأَباحه، وبين التصريح بها فمنعه، حيث قال: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيْمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ في أَنْفُسِكُمْ} (٦) الآية، فليفرّق بينهما بالقذف أَيضاً. وأَنه تعالى أَوجب حدّ القذف بصريح الزنا، فلم يكن لنا إِيجابه بكنايةٍ إِلحاقاً لها به دلالةً، لأن الكنايات والتلويح دون التصريح لما فيها من الاحتمال، والله تعالى أَعلم بحقائق الأحوال.

ثم القذف إِمّا بصريحه: يا زاني، يا عاهر، يا ابن الزاني، يا ابن الزانية. (أَوْ)


(١) في المطبوع: أَورق، والمثبت من المخطوط وهو الصواب لموافقته لما في صحيح مسلم ٢/ ١١٣٧، كتاب اللعان (١٩) رقم (١٨ - ١٥٠٠).
(٢) المعنى أَنه يحتمل أن يكون في أَصولها ما هو باللون المذكور فاجتذبه إِليه فجاء على لونه. فتح الباري ٩/ ٤٤٣ والمراد بالعرق الأصل من النسب، شبهه بعرق الشجرة. فتح الباري ٩/ ٤٤٤.
(٣) حُرِّفت في المخطوط إِلى عزِّبها، والمثبت من المطبوع لموافقته لما في سنن أَبي داود ٢/ ٥٤١ - ٥٤٢، كتاب النكاح (١٢)، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء (٣)، رقم (٢٠٤٩). ولموافقته أَيضًا لما في سنن النسائي ٦/ ١٦٩، كتاب الطلاق (٢٧)، باب ما جاء في الخلع (٣٤)، رقم (٣٤٦٤).
(٤) في المخطوط: الزاي، والمثبت من المطبوع.
(٥) في المخطوط: عزبه، والمثبت من المطبوع.
(٦) سورة البقرة، الآية: (٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>