للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بِـ: لَسْتَ لأَبِيكَ، أَوْ: لَسْتُ بِابْنِ فُلانٍ، في غَضَبٍ، وَهُوَ أَبُوْهُ، حُدَّ ثَمَانِينَ سَوْطًا، كَحَدِّ الشُّرْبِ.

والطَّلَبُ بِقَذْفِ المَيِّتِ: لِلْوَالِدِ والوَلَدِ وَوَلَدِهِ،

===

بدلالة كالقول (بِـ: لَسْتَ لأَبِيْكَ) إِذا كانت أُمه مُحْصَنة. قيّدنا به، لأن هذا في الحقيقة قذفٌ لأُمه، فإِنه إِذا لم يكن من أَبيه كان من غيره، ولا نكاح لغير أَبيه على أُمه، فكان في نفي نسبه من أَبيه قذف أُمه بالزنا. (أَوْ: لَسْتُ بِابْنِ فُلَانٍ في غَضَبٍ) مشاتمةً، وهو قيد في هذه المسأَلة والتي قبلها (وَهُوَ) أَي فلانٌ (أَبُوْهُ) جملة حالية.

(حُدَّ ثَمَانِينَ سَوْطَاً) لقوله تعالى: {وَالَّذِيْنَ يَرْمُوْنَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوْهُمْ ثَمَانِيْنَ جَلْدَةً} (١) ، والمراد الرمي بالزنا بإِجماع العلماء. وفي الآية إِشارة إِليه حيث شرط أَربعة شهداء، فإِن ذلك من خصائص الزنا. ثُمَّ النص وإِن ورد في المحصَنات إِلاّ أَنْ المحصَنين أَيضاً كذلك، لأن المعنى وهو دفع العار يَشْمَلهما، فكان النص متناولاً لهم دلالة، وعليه الإجماع. وخصَّهُنَّ، لأن القذف في الأغلب يقع بهن.

(كَحَدِّ الشُّرْبِ) في الكمية: وهو ثمانون سوطاً، وفي الثبوت: وهو الإقرار أَوْ شهادة رجلين. قيَّد بكون فلان أَباه، لأنه لو كان جَدَّه لا يحدّ. وقيّد بالغضب كما في بعض النُّسخ وهو الصحيح، لأنه لو كان في رضى لا يحدّ، لأن في حال الرضا يُحْتمل أَنْ يُرَاد بهذا اللفظ المعاتبة، بمعنى: أَنت لا تشبه أَباك في الكرم والمروءة.

وفي «المبسوط»: وكذا لو قال: إِنك ابن فلانٍ، وهو غير أَبيه في حال المشاتمة، لأن مقصودَه نَفْيُ نَسَبه من أَبيه، ونسبة أُمه إِلى الزنا، بخلاف حالة الرضا، لأن مراده: إِنْ أَخلاقك تشبه أَخلاق فلانٍ، (فكأَنك ابنه، وإِنما خصّ الحكم بلست بابن فلان) (٢) لأنه لو قال: لست بابن فلانةٍ، وهي أُمه، أَوْ قال: لست بابن فلانٍ، ولا بابن فلانةٍ، وفلانٌ أَبوه وفُلانةٌ أُمهُ، لا يحدُّ لا في حالة الرضا ولا في حالة الغضب، لأنه ليس فيه قذف أُمه لا لفظاً ولا اقتضاء، لأن نَفْيه عن أُمِّه نَفْيٌ لولادتها له، ونَفْيُ ولادتها له نَفْيٌ للوطاء عنها، وفي نفي الوطاء نفي الزنا، بخلاف ما إِذا لم يقل: ولا ابن فلانةٍ، فإِنه نفاه عن الوالد فقط (٣) ، وولادة الولد ثابتة عن أُمِّه، فصار كأَنه قال: أَنت ولد الزنا.

(والطَّلَبُ بِقَذْفِ المَيِّتِ لِلْوَالِدِ) وإِن علا (والوَلَدِ وَوَلَدِهِ) وإِن سَفَل، لأن العار


(١) سورة النور، الآية: (٤).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع: فقد، والمثبت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>