للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ مَحْرُوْمًا.

وَلا يُطَالِبُ أَحَدٌ سَيِّدَهُ، ولا أَبَاهُ بِقَذْفِ أُمِّهِ، وَلَيسَ فِيهِ إِرْثٌ وعَفْوٌ وَعِوَضٌ.

===

يلحَق هؤلاء لمكان الجزئية، فكان القذف متناولاً لهم. ويدخل في عبارته ولد البنت، وهو قول أَبي حنيفة وأَبي يوسف. وقال محمد: ليس له أَنْ يطلب، لأنه منسوبٌ إِلى أَبيه لا إِلى أُمه، فلا يلحق بزنا أَبي أُمه عارٌ. ولهما: أَنْ العار يلحقه لثبوت النسب من الطرفين.

(وَلَوْ) كَانَ (مَحْرُوْمَاً) من الإرث كولد الولد مع الولد، (والولد) (١) الكافر والعبد، خلافاً لِزُفَر في الجميع. وقال مالك والشافعيّ: الطلب لوارث الميت، وهو مبني على أَنْ الغالب فيه عنده حقّ العبد فيورَث. وعندنا: حق الله تعالى، فلا يُورَث. (وَلَا يُطَالِبُ أَحَدٌ سَيِّدَهُ ولا أَبَاهُ) وإِن علا (بِقَذْفِ أُمِّهِ) ولا أُمّ أُمِّه وإِن علت بقذف أَبيه، وبه قال الشافعيّ وأَحمد ومالك في رواية، لأن السيد لا يُعَاقب بسبب عبده، والوالد لا يُعَاقب بسبب ولده، ولذا لا يُقَاد من الوالد إِذا قَتَلَ ولده، ولا من السيد إِذا قتل عبده.

(وَلَيْسَ فِيْهِ إِرْثٌ) خلافاً للشافعيّ (و) لا (عَفْوٌ) من المقذوف عن القاذف خلافاً لمالك والشافعيّ وأَحمد، لكن عندنا لو عفى المقذوف لا يُحَدُّ القاذف لتركه الطلب لا لصحة العفو. حتّى لو عاد وطلب يحدّ (وَ) لَا (عِوَضٌ) أَي اعتياض (٢) خلافاً للشافعي وأَحمد.

ولا خلاف في أَنْ في حدّ القذف حقّين: حقّ الشرع، وحقّ العبد. أَما حقّ العبد فلأنه شُرِعَ لصيانة عرض العبد ولدفع العار عن المقذوف، وهو الذي ينتفع به على الخصوص، ولذا يشترط فيه الدَّعوى، ولا يَبْطُل بالتقادم، ويُقَيِّمُه القاضي بِعِلْمه، ويقدّم استيفاؤه على سائر الحدود، ولا يَبْطُل بالرَّجم، ولا يصحّ الرجوع عنه بعد الإقرار. وأَما حقّ الشرع فلأَنَهُ شُرِعَ زجراً للمفسدين، ولذا لا يباح القذف بالإباحة، ويستوفي حدَّه الإمامُ دون المقذوف، ويجري فيه التداخل حتّى لو قَذَف واحدٌ (أَحداً) (٣) مراتٍ أَوْ جماعةً مرّة كان عليه حدٌّ واحدٌ.

فَغَلَّب مالك والشافعيّ وأَحمد حقّ العبد لحاجته وغِنَى الشرع، إِذْ هو الأصل فيما اجتمع فيه الحقَّان. وغَلَّبنا حقّ الشرع نظراً للمقصود منه وهو إِخلاء العالَم عن الفساد الذي هو حقّ الله. وما للعبد من الحقّ يتولاه مولاه ولا كذلك العكس، لأنه لا


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) الاعتياض: أَخذ العِوَض وهو البدل. معجم لغة الفقهاء ص ٨٦.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>