للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي: يَا زَانِي، فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ، حُدَّا. وَلِعِرْسِهِ، حُدَّتْ، وَلا لِعَانَ. وَإِنْ قَالَتْ: زَنَيتُ بِكَ، هُدِرَا.

===

ولاية (للعبد) (١) في استيفاء حق الشرع إِلا بالنيابة، وإِنما يقدّم حقّ العبد فيما لم يمكن الجمع بين الحَقَّين، وهنا أَمكن فلا حاجة إِليه. وقال صدر الإسلام أَبو اليَسَر في «مبسوطه»: الصحيح أَنْ المغلَّب فيه حقّ العبد كما قال الشافعي، لأن أَكثر الأحكام تدلّ عليه. وقد نصّ محمد في «الأصل»: على أَنْ حدّ القذف حقّ العبد كالقصاص، إِلاّ أَنه فوَّض (إِقامته) (٢) إِلى الإمام، لأن كلّ أَحدٍ لا يهتدي لإقامة الجلد.

(وَفِي: يَا زَانِي فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ) وفي بعض النُّسخ: لا، بل أَنت (حُدَّا) أَي البادي بالقول والمجيب له، لأن كلّ واحدٍ منهما قاذفٌ. أَمّا البادي فظاهرٌ، وأَمّا المجيب، فلأن معنى كلامه أَنت الزاني، لأن كلمة بل للإضراب عن المتبوع، وصَرْف الحكم إِلى التابع، وقد يُؤتْى بلا معها لتأْكيد ذلك فيصير قاذفاً. (وَلِعِرْسِهِ) أَي ولو قال لامرأَته: يا زانية، فقالت. بل أَنتَ، أَوْ: لا، بل أَنْتَ (حُدَّتْ وَلَا لِعَانَ) (٣) لأنهما قاذفان، وقذفها إِياه يوجب الحدّ، وقذفه إِيَّاها يوجب اللعان، فيبدأُ بالحدّ، لأن في البداءة به فائدة، وهي إِبطال اللعان، لأن المحدود في القذف لا يُلَاعِن، وفي البداية باللعان لا يبطل حدّها، لأن حدّ القذف يجري على الملاعنة، واللعان في معنى الحدّ فيحتال لدرئه.

وفي «المبسوط»: لو قال لامرأَته: يا زانية بنت الزانية صار قاذفاً لها ولأمها، وقذفها يوجِب اللِّعان، وقذف أَمها يوجب الحد، فإِذا طلبته هي وأَمها بُدِاءَ بالحدّ لِمَا في البداية به إِسقاط اللعان. (وَإِنْ قَالَتْ:) العِرْس في جواب قول زوجها: يا زانية (زَنَيْتُ بِك هُدِرَا) أَي بطل قول الزوج والعِرْس. وفي بعض النُّسخ: هَدْرٌ، أَي بطل هذا القول، فلا حدّ ولا لعان، لأنه يحتمل أَنها أَرادات قبل النكاح فيكون تصديقاً (له بأَنها زنت فيسقط اللعان لتصديقها) (٤) إِياه، ويجب عليها الحدُّ، لأنها قذفته ولم يصدّقها.

ويحتمل أَنها أَرادت حال النِّكاح، أَي زناي هو الذي كان معك بعد النكاح، لأني ما مكّنت أَحداً غيرك، ولا حصل مني فِعْل الزِّنا، وهو المراد في مثل هذه الحالة، لأنه أَغضبها وأَذاها فتُغْضِبُهُ وتؤذيه متمسكة بقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ لَا يَنْكحُهَا


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) اللِّعان: شهادة مؤكدة باليمين المقرونة باللعن، قائمة مقام حدّ القذف في حق الزوج، ومقام حدّ الزنا في حق الزوجة. معجم لغة الفقهاء ص ٣٩٢.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>