للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إِلاّ زَانٍ} (١) فلا تكون مصدّقة له ولا قاذفة، فلا يجب عليها الحدّ، ويجب اللعان بقذفه لها. فقد وجب كلّ واحدٍ من القذف واللعان في حالٍ دون حالٍ، فلا يجب واحدٌ منهما بالشكّ. وبقولنا قال أَحمد. وقال مالك: تحدّ لأنها قذفت زوجها بالزنا ولم يصدّقها فيه. وقال أَشْهَب: إِلاّ أَنْ تقول قلت ذلك مجاوبةً ولم أُرد قذفاً ولا إِقراراً.

وفي «المبسوط»: لو قال لأجنبية: يا زانية، فقالت: زنيت بِكَ، لا يُحَدّ الرجل لتصديقها إِيَّاه، لأن المقذوف متى صَدّق القاذف سقط الحدّ، وتُحَد المرأَة لقذفها له، ولا يُحَدُّ بِنَفْيه عن جدّه، لأنه صادقٌ في كلامه، وكذا بنسبته إِليه أَوْ إِلى عمه (٢) أَوْ خاله أَوْ زوج أُمه، لأن كلّ واحدٍ منهم أَبٌ. قال الله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ} (٣) ، وقال: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْش} (٤) قال (المفسرون) (٥) : هما خالتُه وأَبوه. وقال صلى الله عليه وسلم: «الخال والد مَنْ لا والد له». رواه في «الفردوس». وقال الله تعالى: {قَالُوا نُعَبُد إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيْمَ وإِسْمَاعِيْلَ وإِسْحَاقَ} (٦) وكان إِسماعيل عَمّاً ليعقوب عليه السلام.

ولا يحدّ بـ: يا ابن (٧) ماء السماء، لأن الناس يذكرون هذا لقصد المدح، فماء السماء لُقِّبَ به عامر بن حارثة بن الغِطْرِيف (٨) الأزدي، لأنه وَقْتَ القحط كان يُقِيم ماله مُقَام القَطْرِ، فهو كماء السماء عطاءً وجوداً. وقد لُقِّبَ بماء السماء أَيضاً للحُسْن والصفاء، وبه لُقِّبَتْ أُم ابن المنذر بن امراء القيس لذلك، وقيل لولدِها بنو ماء السماء. قال زُهَيْر:

*وَلَازَمْتُ المُلُوْكَ مِنْ آل نَصْرٍ ** وَبَعْدَهُمُ بَنِي ماءِ السَّمَاءِ

ولا يُحَدّ بقذف امرأَةٍ لم يُدْرَ أَبو ولدها. وما جعلنا مصدّق القاذف قاذفاً إِلاّ إِذا زاد على تصديقه: هو كما قلت، وجعله زُفَر قاذفاً بدون الزيادة، لأنه صدّقه فيما قال، والتصديق في القذف قذفٌ. ولنا أَنه لم يصرّح بنسبته إِلى الزنا، وتصديقه إِياه محتملٌ


(١) سورة النور، الآية: (٣).
(٢) في المطبوع: أَمه، والمثبت من المخطوط.
(٣) سورة الأعراف، الآية: (٢٧).
(٤) سورة يوسف، الآية: (١٠٠).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٦) سورة البقرة، الآية: (١٣٣).
(٧) عبارة المخطوط: ولا يحد بابن ماء السماء، والمثبت عبارة المطبوع.
(٨) حرِّفت في المخطوط إلى: العطريف. والمثبت من المطبوع، وهو الصواب لموافقة لما في "الأعلام" للزركلي ٣/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>