للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

العقد الذي وقعت فيه، لأَن الإِجارة في المنافع بمنزلة البيع في الأَعيان، ولذا تُقَال (١) وتُفْسَخُ.

والشروط التي لا يقتضيها البيعُ تُفْسِدُه، فكذا الشروط التي لا تقتضيها الإِجارة تُفْسِدها. وذلك كاشتراط (مَرَمّة) (٢) الدار، وإِدخال جِذْع في سقفها. وتَفْسُد أَيضاً بجهالة المعقود عليه، كما لو استأجر أَرضاً ولم يذكر أَنه يزرعها، أَوْ أَي شيء يزرعها، وكذا بِجَهالة المُدَّةِ فيما تعلم المنفعة بها، كالدُّور لاستلزامها جهالةَ قَدْر المنفعة، وكذا بجَهالة الأَجر لأَنه كالثَّمَن في البيع، وكذا بِجَعْلِه (٣) من جِنْس منفَعَةِ المستأجِر، كاستئجار دار للسُّكْنى بسُكْنَى دار أُخرى، ولُبْس ثوبٍ بلُبْس آخر. وعند الشافعي يجوز، لأَن المنافع كالأَعيان عنده، ومبادلة العين بالعين بجنسه أَوْ بخلاف جنسه صحيحةٌ عند المساومة.

ولنا ما حُكِي أَنْ ابن سَمَاعة كَتَب إِلى محمدٍ وقال: لم لا يجوز إِجارة سُكْنى دارٍ بِسُكْنَى دار؟ فكتب محمدٌ في جوابه: إِنك أَطلْتَ الفِكْرة، (وأَصَابَتْكَ الحَيرة) (٤) وجالست الجُبَّائي وكانت منك زَلة. أَما عَلِمْت أَنَّ إِجارة سُكْنى دار بِسُكْنى دارٍ كبيع القُوْهِيّ (٥) بالقُوْهِيّ نسيئَةً؟ بيانه أَنَّ المعقود عليه ما يَحدث من المنفعة وذا غير موجود في الحال، فإِذا اتَّحَد الجنس كان كمبادلة شيء بجنسه نسيئةً، والجنس بانفراده يُحَرِّمُ النَّساء (٦) عندنا، بخلاف ما إِذا اختلف الجنس، لأَن النَّساء في الجنس المُخْتَلِف ليس بحرام، كما لو أَسلم قُوهِيّاً في مَرْوِيّ.

فإِن قيل: عند اختلاف النَّوع؟ إِنْ لَم يفسد لهذا المعنى يفسد لمعنًى آخَر، وهو أَنَّ بَيع الدين بالدَّين حرامٌ للنَّهْي عن الكَالِئ (٧) بالكَالِئ. قيل: الذي تصحَبه الباء هو المعقود عليه، وأُقيم المحل مُقام المنفعة وهي عين، فيصير الآخر بمنزلة الثمن، فلا يكون غير العين بغير العين، بل يكون عيناً بدين، فذلك جائز.


(١) الإقالة: إقالةُ العقدِ أَو البيعِ: فَسْخُهُ برضا المتعاقدين. معجم لغة الفقهاء ص ٨١.
(٢) في المطبوع: مراصة، وما أَثبتناه من المخطوط. والمَرَمَّة: متاع البيت. المعجم الوسيط ص ٣٧٤، مادة (رمَّ).
(٣) أَي الأَجْر.
(٤) في المطبوع: وأَصبت الخبرة، وما أَثبتناه من المخطوط.
(٥) القُوْهِيّ: ضربٌ - أَي نوعٌ - من الثيابِ بِيض [منسوب إلى قُوهستان]. المعجم الوسيط ص ٧٦٨، مادة (قوَّه).
(٦) النَّسيئة: نسأَتُ الشئَ وأَنسأتُهُ أَي أَخَّرتُهُ، فالنَّسيئة: التأخير. معجم لغة الفقهاء ص ٤٧٩.
(٧) الكَالِئ: الدَّيْن. معجم لغة الفقهاء ص ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>