للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخُرُوجُ لِلْحَاجَةِ بِلَا إذْنِهِ وبَعْدَ أَخْذِهِ يَنْقُلُهَا، وقِيلَ: لا يُسَافِرُ بِهَا، وبِهِ يُفْتَى.

===

على منعه، أي وقبل أخذ المعجَّل لها السفر (والخُرُوجُ) من منزل الزَّوج (لِلْحَاجَةِ) وزيارة أهلها (بِلَا إذْنِهِ) لأن حَقَّ الحَبْس لحق الاستيفاء منها، وليس له حق الاستيفاء منها قبل الإيفاء لها.

(وبَعْدَ أَخْذِهِ) أي المعجَّل (يَنْقُلُهَا) ويسافر بها حيث شاء، وكذلك إذا كان جميع المهر مؤجَّلاً لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (١) أي أسكنوهن مكان بعض سُكْنَاكُم بقدر سعتكم (٢) . فـ: مِنْ للتبعيض، والوُجْدُ: القدرة والغنى. (وقِيلَ: لا يُسَافِرُ بِهَا) إلى غير بلدها الذي نكحها فيه (وبِهِ يُفْتَى). قال الفقيه أبو اللَّيْثِ في «النَّوَازِل»: سُئل أبو القاسم ـ يعني الصَّفَّار ـ عن امرأة يريد زوجها إخراجها من البلد ولم يُوَفِّ لها جميع مهرها قال أبو القاسم: لها أن لا تخرج من بلدها إلى بلد آخر، سواء أَوْفَاهَا المهر، أو لم يُوَفِّها لفساد الزَّمان.

قال أبو اللَّيْث: وبه نأخذ، فكيف لو أدرك أبو القاسم زماننا هذا؟ ثم قال: وقيل لأبي القاسم: أليس يجوز أن يُخْرِجَهَا من المدينة إلى القرية، ومن القرية إلى المدينة؟ قال: ذلك تَبوِئَةٌ وليس بسفر. وإخراجها من بلد إلى بلد سفر، وليس بتَبْوِئَةٍ. أي بمنزلة تحويل من بيت إلى بيت. وفي «فصول الأُسْرُوشَني» (٣) : قال ظَهِير الدِّين المَرْغِينَانيّ: الأخذ بقول الله تعالى أولى، قال الله تعالى: {أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُم}. انتهى.

وأُجيبَ بأن قول الفقيه ليس منافياً لقوله تعالى، لأنه تعالى قال: {ولا تُضَارُّوهُنَّ} (٤) وفي السفر بها بغير رضاها إضرارٌ بها. وأفتى كثير من المشايخ بقول أبي اللَّيْثِ. وقيل: يجوز مطلقاً إنْ أوْفَاها المعجَّل والمؤجَّل أيضاً، وكان مأموناً عليها، وبه أفتى البعض، وهو أقرب إلى التحقيق، والله وليُّ التوفيق.


(١) سورة الطلاق، الآية: (٦).
(٢) في المطبوع: متعتكم، والمثبت من المخطوط.
(٣) في المطبوع والمخطوط: الأستروشني، وهو كذلك في كثير من الكتب الفقهية، والصواب ما أثبتناه. لأنَّه منسوب إلى: أُسْرُوشَنَة، وهى بلدة كبيرة وراء سمرقند. انظر "الأنساب" ١/ ١٤١، و"تهذيب الأنساب ١/ ٥٤، وذكر الحَمَوي في "معجم البلدان"، أن "أسروشنة" بالفتح ثم السكون، وضم الراء، وسكون الواو، وفتح الشين المعجمة، ونون، والأشهر الأعرف أن بعد الهمزة شينًا معجمة أي: "أَشْرُسَنَة" انظر ١/ ١٧٧ و ١٩٧.
(٤) سورة النساء، الآية: (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>