للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُعَجَّلُ والمُؤَجَّلُ إن بُيِّنَا فَذَاكَ، وإِلَّا فالمُتَعَارَفُ. وقَبْلَ أَخْذِ المُعَجَّلِ لَهَا مَنْعُهُ مِنَ الوَطْئِ وَالسَّفَرِ بِهَا، وَلَوْ بَعْدَ وَطْئٍ بِرِضَاهَا بِلَا سقُوطِ النَّفَقَةِ. والسَّفَرُ

===

هذا، ولو زوَّج طفله الفقير، أو عبده، أو مُكَاتَبَهُ لا يلزمه المهر عندنا، وألزم مالك، والشافعي به.

(والمُعَجَّلُ والمُؤَجَّلُ) أي المقدَّم والمؤخَّر من المهر (إن بُيِّنَا) أي عُيِّنَا (فَذَاكَ) أي فما بيّناه هو المعجَّل والمؤجَّل، سواء بينا تعجيل الجميع أو تأجيله مسقطاً أو غيره، أو تعجيل البعض، وتأجيل البعض. (وإلاَّ) وإن لم يبيِّنا (فالمُتَعَارَفُ) فإن كانا في موضع يُعَجَّلُ فيه البعض، ويُؤَجَّلُ الباقي إلى الطَّلاق، أو الموت، يُنْظَرُ كم يكون المعجَّل لمثل هذه المرأة من مثل هذا المهر في متعارف ذلك القوم، فَيُجْعَلُ ذلك مُعَجَّلاً، والباقي مُؤَجَّلاً.

(وقَبْلَ أَخْذِ المُعَجَّلِ) الذي بيَّناه أو تبيَّن بالعُرْف (لَهَا مَنْعُهُ مِنَ الوَطْاءِ وَ) من (السَّفَرِ بِهَا) حتَّى تقبضه ليتعين حقها في البَدَلِ (١) ، كما تعين حقُّه في المُبْدَل (٢) . قيَّد بالمعجَّل، لأنها لا تمنع نفسها قبل أخذ المؤجَّل، سواء كان جميع المهر ـ وفيه خلاف أبي يوسف ـ أو بعضه، وسواء كانت المدة قصيرةً أو طويلةً، وسواء كان التَّأجيل في العقد أو بعده. وفي «الخَانِيَّة»: ليس لها الامتناع بعد حلول الأجل أيضاً، لأن العقد لم يوجب لها حقَّ الامتناع في المؤجَّل، فلا يثبت لها بعده.

(وَلَوْ) كان المنع (بَعْدَ وَطْاءٍ) أو خَلْوَة صحيحة (بِرِضَاهَا) وهو قول أبي حنيفة، أو بغير رضاها: بأن تكون مكرهة، أو صبيةً، أو مجنونة، وهو قولهم جميعاً. وقالا: ليس لها منعه بعد الوَطْاء، أو الخَلْوَة برضاها. وفي «الإيضاح»: إنه قول أبي حنيفة أولاً، (بِلَا سُقُوطِ النَّفَقَةِ) أي مع عدم سقوط نفقتها. والمعنى لا يسقط بذلك المنع عن الزَّوج نفقتها، وهذا عند أبي حنيفة، لأن المنع بحقّ، حيث ليس عن نشوز (٣) . وعندهما: لا نفقة لها.

قال فخر الإسلام في «شرح الجامع الصغير»: كان أبو القاسم الصَّفَّار يفتي في المنع من الوطاء بقول أبي يوسف ومحمد بسقوط النفقة، وفي المنع من السَّفر بقول أبي حنيفة بعدم سقوطها. قال: وهو حَسنٌ في الفُتْيَا. (والسَّفَرُ) هو بالرفع معطوف


(١) أي المهر.
(٢) أي البُضْع.
(٣) نشزت المرأة من زوجها: عصت زوجها وامتنعت عليه، ونشز الرجل من امرأته: تركها وجفاها. المصباح المنير ص ٦٠٥، مادة (نشر).

<<  <  ج: ص:  >  >>