للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصَحَّ ضَمَانُ وَليِّهَا مَهْرَهَا ولَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً،

===

لورثة المرأة إلى مهر مثلها، والقول لورثة الزَّوج في الفضل، كما في حال الحياة. وإن اختلف ورثتهما في أصل تسميته، فادَّعَى ورثة الزَّوج أن الزَّوج سمَّى لها، وأنكرها ورثة الزَّوجة، فالقضاء بشيءٍ مُنْتَفٍ عند أبي حنيفة. وأوجبا مهر مثلها في تَرِكَتِه، وهو القياس، لأن مهر المثل وجب بنفس العقد، فكما لا يسقط المُسَمَّى بعد موتهما، فكذلك مهر المثل. ألَا تَرى أن بعد موت أحدهما لا يسقط مهر المثل، وورثة الميِّت يقومون مقامه في ذلك، فكذلك بعد موتهما.

واستحسن أبو حنيفة فقال: لا يُقْضَى بشيءٍ واستدل في «الكتاب» ـ يعني «الأصل» ـ فقال: أرأيت لو ادَّعى ورثة علي رَضِيَ الله عنه على ورثة عمر رَضِيَ الله عنه مهر أم كلثوم، أكنت أقضي فيه بشيء؟ وهذا إشارة إلى أنه إنما يقول بهذا (١) بعد تقادم العهد، لأنه يختلف باختلاف الأوقات، فإذا تقادم العهد، وانقرض أهل ذلك العصر، يتعذر وقوف القاضي على مقدار مهر المثل. وعلى هذا الطريق، إذا لم يكن العهد متقادماً يَقْضي بمهر مثلها. والطريق الآخر، أنّ المستحق بالنِّكاح ثلاثة أشياء: المُسَمَّى وهو الأقوى. والنفقة وهي الأضعف. ومهر المثل وهو المتوسط.

فالمسمَّى لقوته لا يسقط بموتهما، وموت أحدهما. والنفقة لضعفها تسقط بموت أحدهما. ومهر المثل يتردَّد (بين ذلك، فَيَسْقُطُ بموتهما، ولا يسقط بموت أحدهما، لأن ما تردَّد) (٢) بين أصلين، يوفر (٣) حظّه عليهما، ألا ترى أن الصحابة رَضِي الله عنهم اختلفوا أنّ مهر المثل هل يسقط بموت أحدهما؟ فيكون ذلك اتفاقاً منهم أنه يسقط بموتهما، والله تعالى أعلم.

(وصَحَّ ضَمَانُ وَليِّهَا مَهْرَهَا ولَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً) وكذا ضمان وليِّه مهرها، لأنّ الوليّ أهل للالتزام، وقد أضاف الضَّمان إلى ما يقبله ـ وهو المهر ـ فيصح. ثم للمرأة أنْ تطالب الوليّ، أو الزوج إلاَّ إذا كان صغيراً، فليس لها أنْ تطالب إلاَّ بعد بلوغه. وفي «شرح الوِقَايَة»: وإنما قال: ولو صغيرة، لأنها إذا كانت صغيرة فمُطَالِبُ المهر ليس إلاَّ وليّها، فيتوهم أنه لا يجوز الضَّمان. لأنه باعتبار الضَّمان يكون مُطَالَباً، فيكون الشخص الواحد مُطَالِباً ومُطَالَباً، لكن لا اعتبار لهذا التَّوهُّم، لأن حقوق العقد في النِّكاح راجعة إلى الأصل، والوليُّ سفير ومعبر.


(١) في المخطوط: يفوت هذا، والمثبت من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.
(٣) في المطبوع: فيوفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>