للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُدَبَّرِ والأَمةِ وأُمِّ الوَلَدِ بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ مَوْقُوفٌ، إنْ أجَازَ نَفَذَ وإنْ رَدَّ بَطَلَ. وإذَا أَذِنَ بِيعَ القِنُّ لِلمَهْرِ، ويَسْعَى الآخَرَانِ. والإِذْنُ بالنِّكَاحِ يَعُمُّ جَائِزَهُ وفَاسِدَهُ

===

والمُدَبَّرِ والأمةِ وأُمِّ الوَلَدِ بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ مَوْقُوفٌ، إنْ أجَازَ) السيد (نَفَذَ وإنْ رَدَّ بَطَلَ)، وأجازه مالك بدون إذنه.

ولنا قوله تعالى: {ضَرَبَ امَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} (١) والنِّكاح شيء، فلا يملكه العبد بنفسه. وما روى أبو داود والترمذي ـ وقال: حديث حسن ـ من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيُّما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر». أي زانٍ (دلّ بإشارته أنَّ العقد غير جائز، إذ لو جاز لم يكن بالوطاء زانياً شرعاً) (٢) . ورواه الحاكم في «المُسْتَدْرَك» وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

(وإذَا أَذِنَ) المولى بالتَّزويج لعبده فتزوَّج (بِيعَ القِنُّ لِلمَهْرِ) وكذا المُكَاتَبُ إن عجز عن الكتابة، لأنّ المهر بسبب إذنه ظهر في حقه، وتَعَلَّقَ برقبة عبده، وصار كدين اسْتَدَانه العبد المأذون له في التجارة. ولو بِيعَ القِنُّ مرَّة حيث لم يَفتده سيده، ولم يَفِ ثمنُه بالمهر، لم يُبَعْ ثانياً، بل يُطَالَب بما بَقِيَ بعد العِتْقِ. ولو بيع في النفقة مرةً بِيعَ فيها أخرى، لأن النفقة تجب ساعة فساعة، فلم يقع البيع في جميعها بخلاف المهر. ولو مات العبد سقط المهر والنفقة، لفوات محل الاستيفاء.

(ويَسْعَى الآخَرَانِ) أي المُكَاتَبُ والمُدَبَّرُ، ولا يباعان فيه، لعدم احتمالهما النقل من ملك إلى ملك حال قيام الكتابة والتدبير. فَيُسْتَوْفَى من كسبهما لا من أنفسهما. قَيَّدَ بإذن المَوْلى، لأن العبد، أو المُدَبَّر، أو المُكَاتَب إن تزوَّج بغير إذن المَوْلى، ودخل ثم فرَّق المَوْلى بينهما، لا يُطَالَبُ واحد منهم بالمهر إلاَّ بعد العِتْقِ.

(والإِذْنُ) أي إذن المولى لعبده (بالنِّكَاحِ) سواء عيَّن المرأة، أو لم يعينها (يَعُمُّ جَائِزَهُ وفَاسِدَهُ) عند أبي حنيفة، حتى يباع العبد في مهر النِّكاح الفاسد، فيتوقف تزوّجها ثانياً صحيحاً على الإجازة.

وقالا: يَخصُّ جائزه، وبه قال مالكٌ والشافعي، فلا يباع في مهر الفاسد، بل يُطالب به بعد العتق، ولا يتوقف تزوّجها ثانياً صحيحاً على الإِجازة، لأن المقصود من نكاح العبد عِفَّته، وذلك بالجائز دون الفاسد، لأنه لا يفيد الحِلَّ، وصار كالتوكيل بالنِّكاح حيث يتناول الجائز دون الفاسد. ولأبي حنيفة أن الإذْنَ مطلقٌ فيجري على


(١) سورة النحل، الآية: (٧٥).
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>