ويَنقُضُه خروجُ الوقتِ كطلوعِ الشمس، لا دُخُولُه كالزَّوالِ.
===
ثبوتِه ابتداءً، فأن يَستوعبَ استمرارُ العُذْرِ وقتَ الصلاة كاملاً، كالانقطاعِ والانتهاءِ لا يثَبُتُ ما لم يَستوعب الوقتَ كلَّه. وفي «الكافي» لحافظ الدين النَّسَفي: وإنما تصيرُ صاحبةَ عُذر إذا لم تجد في وقتِ الصلاة زماناً تتوضَّأ وتصلي فيه خالياً عن الحدَث. وهذا هو المرادُ بالاستيعاب لا حقيقة، إذ قلَّما يَستمرُّ العُذرُ بحيث لا ينقطع في الوقتِ لحظةً، فيُؤدِّي إلى نفي تحقُّقه إلا في الإِمكان العقلي.
وفي «السراج الوهاج»: رجلٌ سال جُرحُه ولم يَعلم أنه يَستمرُّ وقتاً كاملاً، فإنَّه لا يصلي في أوَّلِ الوقت بل ينتظر، فإن لم ينقطع توضَّأَ قبلَ خروج الوقت. قال ابن الهُمام: فإنْ فَعلَ فدخل وقتٌ آخَرُ وانقطع فيه أعادَ الأُولى لعدم الاستيعاب.
(ويَنقُضُه) أي ويَنقُضُ وضوءَ المعذور عند أبي حنيفة ومحمد (خروجُ الوقتِ) أي وقتِ صلاة الفرض (كطلوعِ الشمس) فلو توضَّأ معذورٌ لصلاةِ العيد بعدَ طلوعِها، له أن يصلّي الظهرَ به عندهما، لأنها ليست بفرضٍ فصار كما لو توضَّأ لصلاة الضُّحى (لا دخولُه) أي لا يَنقُض وضوءَ المعذورِ دخولُ الوقت (كالزَّوالِ). وقال أبو يوسف: يَنقُضُه دخولُ الوقت وخروجُه. وقال زُفَر: دخولُه فقط.
ويَجبُ أن يُصلّي جالساً بإيماءٍ إن سال بالمَيَلان، لأنَّ تَرْكَ السجود أهوَنُ من الصلاة مع الحدَث، فإنَّ لها وجوداً حالةَ الاختيار على الدابَّة نفلاً، ولا تجوزُ مع الحدثِ حالةَ الاختيار أصلاً.
ثم يجب على المستحاضة أن تَغسِلَ ثوبها من الدَّم لكلِّ صلاة في قولِ محمد بن مقاتل، وقال ابن سَلَمة: ليس عليها غَسْلُه، لأنَّ أمرَ الثوبِ ليس آكَدَ من البَدَن. والأوَّل أَولى (١) .
وقال أبو القاسم في المبطونِ إذا كان بحالٍ لا يُبسَطُ تحته ثوبٌ إلا نجَّسَه مِنْ ساعتِه: جاز أن يصلّي على حالته. ولو كان به دَمَامِيلُ أو جُدَريٌّ فتوضَّأ، وبعضُها سائل ثم سالَ الذي لم يكن سائلاً انتقض، لأنَّ هذا حدَثٌ جديد، فصار كالمَنخِرَينِ. ولو كان في عينه رَمَدٌ ويسيل دمعُها يُؤمُرُ بالوضوءِ لكلِّ وقتٍ إذا غَلَب على ظَنِّه أنه صديد، والله تعالى أعلم.
(١) الذي في "الدر المختار" ١/ ٢٠٤ غير هذا كليًا، ففيه: "وإن سال على ثوبه جاز له أن لا يغسله إن كان لو غَسَلَه تنجس قبل الفراغ منها، أي الصلاة، وإلا يتنجس قبل فراغه فلا يجوز ترك غسله، هو المختار للفتوى".