للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أقرائها، ثم تغتسلُ وتتوضَّأ لكلِّ صلاة، وتصومُ وتصلي».

وأُجيبَ بأنَّ اللام في «لكلِّ صلاة» نحوُها في قوله تعالى: {أقم الصلاةَ لِدُلوكِ الشمس} (١) أي وقتِ دُلوكِها أي زَوالها. وإنما قلنا: ذلك، لأنَّ المعهود في الشرع أنَّ الحدث خروجُ خارج أو خروج وقتٍ كمضيِّ مدَّةِ مسحِ الخُفَّين، ولم يُعهَد فيه أنَّ الفراغ من الصلاة حدثٌ بالنسبة إلى فرضٍ آخر.

وفي «شرح الآثار»: أجمعوا على أنها إذا توضَّأت في وقتِ صلاة فلم تُصلِّ حتى خرج الوقتُ فأرادت أن تصلي بذلك الوضوء: أنه ليس لها ذلك حتى تتوضأ وضوءاً جديداً. ورأَيْناها لو توضَّأْتُ في وقتِ صلاة فصلَّتْ، ثم أرادت أن تَطَّوَّع بذلك الوضوءِ كان لها ذلك ما دامت في الوقت، فدَلَّ ما ذكرنا أنَّ الذي يَنقضُ طُهْرُها هو خروجُ الوقت، وأن وضوءَها يُوجِبه الوقتُ لا الصلاةُ وإن كان وجوبُه بها.

هذا، وقال ابنُ قُدَامة في «المغني»: رُوي في بعض ألفاظ حديثِ فاطمة بنت أبي حُبيَش «وتوضَّئي لوقتِ كلِّ صلاة» (ذكر سبط ابن الجوزي: أن أبا حنيفة روى: المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة) (٢) ، وفي «شرح مختصر الطحاوي» رَوَى أبو حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت أبي حُبَيش: «وتوضئي لوقتِ كلِّ صلاة».

ولا شكَّ أنَّ هذا مُحْكَمٌ بالنسبة إلى كلِّ صلاة، لأنه لا يَحتمل غيرَه، بخلاف الأوَّل، فإنَّ لفظ الصلاة شاع استعمالُها في لسان الشرعِ والعُرفِ في وقتِها. فمن الأوَّل قولُه صلى الله عليه وسلم «إنَّ للصلاةِ أوَّلاً وآخِراً» (٣) . الحديثَ، أي لوقتِها. وقولُه: «أيُّما رجلٍ أدركَتْه الصلاةُ فلُيصَلِّ» (٤) . ومن الثاني آتيك لصلاةِ الظُّهر أي في وقتِها، وهو ما لا يُحصَى كثرةً. فوجَبَ حملُه على المُحكم. وقد رُجِّحَ أيضاً بأنه متروكُ الظاهر بالإِجماعِ على أنه لم تُرَد حقيقةُ كلِّ صلاة، لجواز النوافل مع الفرضِ بوضوءٍ واحد.

ثم ما في المَتْنَ بيانُ شَرطِ بقاء الاستحاضة بعد ما ثبَتَ حكمُها. وأمَّا شرطُ


(١) سورة الإِسراء، آية: (٧٨).
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوطة، وقد روى محمد بن الحسن في كتاب "الآثار" أن المستحاضة تتوضأ لكل وقت صلاة. ص ١٦٩، كذا في "الآثار"، وفي "جامع المسانيد" ١/ ٢٦٨ نقلًا عن "الآثار" لمحمد بن الحسن: … لوقت كل صلاة.
(٣) أخرجه الترمذى ١/ ٢٨٣، كتاب الصلاة (١)، باب ما جاء في مواقيت الصلاة (١)، رقم (١٥١).
(٤) أخرجه البخاري (فتح الباري) ١/ ٤٣٥ - ٤٣٦، كتاب التيمم (٧)، باب (١)، رقم (٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>