للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُرَابَحَةُ بِهِ مَعَ فَضْلٍ. وشَرْطُهُمَا شِرَاؤُهُ بِمِثْلِيّ.

وَلَهُ ضَمُّ أُجْرَةِ القِصَارَةِ وَالحَمْلِ وَنَحْوِهِمَا،

===

والقِصَارة ونحوهما يُضَمُّ إلى الثَّمن الأوّل (والمُرَابَحَةُ بِهِ) أي بما شرى، فهي أن يشترط البائع في البيع أنّه بما شرى (مَعَ فَضْلٍ) وأمّا إذا كان بأقلّ من الثَّمن فوضيعةٌ. وهما بيعان جائزان لتعامل النّاس بهما من غير نكير، ولِمَا روى عبد الرَّزَّاق في «مصنفه»، عن مَعْمَر، عن رَبِيعَة ابن أبي عبد الرّحمنِ، عن سعيد بن المُسَيَّبِ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «التَّوْلِيَةُ، والإقَالَةُ، والشَّرِكَةُ سواءٌ لا بأس به». وروى ابن أبي شَيْبَة في «مصنفه»، عن الحسن وابن سيرين وطاوس أنهّم قالوا: التَّوْلِيَةُ بيعٌ.

وفي البخاري عن عائشة أنّ أبا بكرٍ قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: خذ بأبي أنت وأمي (يا رسول الله) (١) إحدى راحلتيّ هاتين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بالثَّمن». وفي «سيرة ابن إسحاق»: فلمّا قرّب أبو بكر رضي الله عنه الرَّاحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدّم أفضلهما، ثم قال: اركب فداك أبي وأمي يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لا أركب بعيراً ليس لي». فقال: هي لك يا رسول الله. قال: «لا، ولكن بالثَّمن الذي ابتعتها به». قال: كذا وكذا، قال: «أخذتها بذلك». قال: هي لك يا رسول الله، فركبا وانطلقا.

وفي «طبقات ابن سعد»: وكان أبو بكر قد اشتراهما من نَعَمِ بني قشير بثمان مئة درهمٍ، فأخذ إحداهما وهي القصوى (٢) . ولأنّ شرائط الجواز متحقّقة فيهما، وقد مسّت الحاجة إليهما، لأن غير الفَطِن في الشِّراء يحتاج إلى أنْ يعتمد على فعل الماهر فيه، فيشتري عنه بمثل ما اشترى وبزيادة ربحٍ، لئلا يُغْبَنَ بأكثر ممّا لو لم يعتمد على فعله، ولهذا كان مبناهما على الأمانة والاحتراز عن التّهمةِ والخيانة، إذ لو لم يبنيا على ذلك فات المقصود.

(وشَرْطُهُمَا) أي المُرَابَحِةِ والتّوْلِيَةِ، وكذا الوضيعة (شِرَاؤُهُ) أي شراء البائع المبيع (بِمثْلِيّ) أي كيليّ، أو وزنيّ، أو عدديّ متقارب، (وَلَهُ) أي للبائع (ضَمُّ أجْرَةِ القِصَارَةِ وَالحَمْلِ وَنَحْوِهِمَا) أي نحو القِصَارة ممّا زاد في عين المبيع، ونحو الحمل مما زاد في قيمته، لأنّ ما زاد في عين الشيء أو في قيمته ملحقٌ به.


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط وهي صحيحة لموافقتها لما في صحيح البخاري (فتح الباري) ٧/ ٢٣٠ - ٢٣١، كتاب مناقب الأنصار (٦٣)، باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة (٤٥)، رقم (٣٩٠٥).
(٢) قصا البعير والشاة قطع من طرف أذنه. مختار الصحاح، ص ٢٢٥، مادة (قصا). فالقصواء: مقطوعة الاُذُن.

<<  <  ج: ص:  >  >>