للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البِدَاءةُ بالتسمية،

===

والوِلاءِ (١) ، والتيامُنِ، وكذا النيَّة.

(البداءةُ) بالكسر، ويُضَمّ. وكذا البِداية بالياء. وفي «المُغْرِب» (٢) أنها عاميَّة، وهو الابتداءُ (بالتسمية) وأقلُّها باسم الله، وأعلاها تكميلُها بالنَّعْتَين. وقال ابنُ الهمام: لفظُها المنقولُ عن السَّلَفِ الكرام وقيل عن النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله العظيم والحمدُ لله على دين الإِسلام. انتهى. وقد روى معمرٌ عن ثابت، وقتادة عن أنس قال: «نظَرَ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَضُوءاً فلم يجدوا، قال: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ها ها ماءٌ، فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وضَعَ يدَه في الإِناء الذي فيه الماء ثم قال: توضَّؤا بِبِاسم الله، قال: فرأيتُ الماءَ يفورُ مِنْ بين أصابِعه، والقومُ يَتوضَّؤن حتى توضَّؤا مِنْ آخِرِهِم. قال ثابتٌ: فقلت (٣) لأنس: تُراهم كم كانوا؟ قال: نحواً مِنْ سبعين». رواه البيهقيُّ وقال: هذا أصحُّ ما في التسمية، وأخرجه النسائي، وابنُ مَنْدَه، وأبو بكر بنُ خُزَيمة، والدَّارَقُطْني، قاله في «الإِمام»، وقال النووي: إسنادُهُ جيِّد.

وذهب أحمدُ إلى أنَّ التسميةَ شرطٌ في الوضوء، لما روى الحاكم وأبو داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاةَ لمن لا وضُوءَ له، ولَا وُضوءَ لمن لم يَذْكُرِ اسمَ الله عليه»، وضُعِّفَ حديثُ أبي داود بالانقطاع، وهو عندنا ـ كالإِرسال بعد عدالة الرواةِ وثقتِهم ـ لا يَضرُّ، وروى ابنُ ماجه عن أبي سعيد أنه عليه الصلاة والسلام قال: «لا وُضوءَ لمن لم يَذكُرِ اسم الله عليه»، وكذا رواه البيهقي.

وأُجيبَ: بأنَّ المرادَ نفيُ الفضيلة والكمال، لا نفيُ الجواز والصحة، كحديث: «لا صلاةَ لجارِ المسجدِ إلا في المسجدِ»، ولِما رَوَى أصحابُ «السُّنَن الأربعة» من حديث علي بن يحيى بن خلاَّد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال للمُسيءِ صلاتَه: «إذا قُمتَ فتوضَّأ كما أمَرَك اللهُ». وليس في الوضوءِ الذي أَمرَ الله به التسميةُ. ولِمَا رواه الدارقطني مرفوعاً: «من توضَّأ وذكَرَ اسم الله فإنه يَطْهُر جسَدُه كلُّه، ومن توضَّأ ولم يَذكُر اسمَ الله لم يَطهُرْ إلا موضعُ الوضوء» (٤) .

وفي «الهداية»: الأصحُّ أنها مستحبة. قال ابنُ الهمام: يجوزُ كَوْنُ مستَندِهِ فيه ضعفَ الأحاديث، ويجوزُ كونُهُ حديثَ المهاجِرِ بن قُنْفُذ، قال: «أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو


(١) الوِلاء: التعاقب بين الأفعال، بفعل الثاني منها بعد الأول من غير فصل. معجم لغة الفقهاء ص ٥٠٩.
(٢) المغرب في ترتيب المعرب: ١/ ٦٠.
(٣) لفظ: "فقلت" زيادة من المخطوطة.
(٤) قال العظيم آبادي في التعليق المغني على الدارقطني ١/ ٧٤: قال الذهبي: [في الميزان ٤/ ٨٨] مرداس بن محمد بن عبد الله، عن محمد بن أبان الواسطي: لا أعرفه، وخبره منكر في التسمية على الوضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>