للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأَرْبَعُ أَفْضَلُ في المَلَوَيْنِ.

===

إحدى عشرة ركعة: ثلاث منها الوتر، وركعتا الفجر ـ أي سنته ـ فيبقى التطوع ستة». ورُوِيَ: «ثلاث عشرة»، فبقي التطوع ثمانية. وفيه: أنه لا دلالة فيه على أنَّ الثمانية بتسليمة، ولا على أنَّ الزيادة عليها مكروهةٌ. وقد اعْتُرِضَ بأنَّ الزُّهْرِيّ روى عن عُرْوَة، عن عائشة: «أنه عليه الصلاة والسلام كان يسلم من كل ركعتين منهن».

وفي «المبسوط» و «الخُلاصة»: الأصح على أن الزيادة لا تُكره لِمَا فيها من وَصْل العبادة. ثم رأيت السَّرَخْسِيّ صحَّح عدم كراهة الزيادة عليها لِمَا في البخاري عن عائشة: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلِّي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثُمَّ يُصلّي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين» فيبقى العشرة نفلاً. وروى الطَّحاوي الاستدلال بكليهما لِمَا رواه في دليلهما: من أنه عليه الصلاة والسلام كان يُسَلِّم بين كل اثنتين، ولأنه ليس في قولهما دلالة على أنه صلَّى الثمان أو العشرة بتسليمة.

(والأَرْبَعُ أَفْضَلُ في المَلَوَيْنِ) أي الليل والنهار، تثنية مَلا بفتح الميم والقصر. وهذا الذي ذكره عند أبي حنيفة. وعندهما: اثنان في الليل أفضل، والأربع في النهار أفضل. وعند الشافعي: الأفضل فيهما الاثنتان. وعند أحمد: لا بأس بالأربع في النهار، وهي بالليل مكروهة، وقيل: غير جائزة، لِمَا روى أصحاب «السنن»، وصححه ابن حِبَّان، وجَوَّدَه أحمد عن ابن عمر: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى». ولأبي يوسف ومحمد ما في «الصحيحين» عن ابن عمر: أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى». وليس فيه ذكر النهار. وقال النَّسائي: ذكره عندي خطأ.

ولأبي حنيفة ما في «الصحيحين» عن عائشة: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلّي بالليل أربعاً، لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً، لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً». وروى أبو يَعْلَى في «مسنده» عن عَمْرَة قالت: «سمعت عائشة تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي الضحى أربع ركعات لا يفصل بينهن بسلام». وقد تقدم حديث أبي أيوب في سنة الظهر نحوه. ولأنه أدوم تحريمة، فيكون أكثر مشقة وأكبر فضيلة. ولهذا لو نذر أن يصلِّي أربعاً بتسليمة، فصلاّها بتسليمتين، لم يوف بنذره. ولو نذر أن يُصَلِّيَها بتسليمتين، فصلاّها بتسليمة وَفَى بِنَذْرِهِ، لأنه عَمِلَ بالأفضل.

وأمّا ما أخرجه مسلم من حديث عائشة في حديث طويل قالت: «كُنّا نُعِدُّ له سِوَاكه وطَهُوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فَيَتَسَوَّكُ، ويتوضَّأُ، ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلاَّ في الثامنة، فيذكر الله، ويحمده، ويدعوه، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>