للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكُرِهَ مزِيدُ النَّفْلِ عَلَى أرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ نهارًا، وعلى ثَمَانٍ لَيْلًا

===

فإن قيل: ما الجمع بين هذا الحديث وبين ما في الصحيحين عن عُرْوَة، عن عائشة قالت: «ما سَبَّحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبحة الضحى قط وإني لأُسَبِّحُها». أجيب: بأنه يحتمل أنها أخبرت في النفي: عن رؤيتها ومشاهدتها، وفي الإثبات: عن خبره عليه الصلاة والسلام، أو خبر غيره عنها. وأنها أنكرتها مواظبة وإعلاناً، أو أنها أنكرتها على ما هي مشهورة عند الناس ثماني ركعات. ومما يدل على فضيلة صلاة الضُّحَى حديث: أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يُصْبِحُ على كل سُلَامى (١) من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزاء عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى». رواه مسلم.

ومنها حديث بُرَيْدَة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «في الإنسان ثلاث مئة وستون مَفْصِلاً. فعليه أنْ يتَصَدَّق عن كل مَفْصَل منه بصدقة. قالوا: ومن يُطِيقُ ذلك يا رسول الله؟ قال: النُّخَاعَة (٢) في المسجد تدفِنها، والشيء تُنَحِّيْه عن الطريق، فإن لم تجد فركعتا الضحى تُجْزِئْكَ». وحديث مُعَاذ بن أنس الجُهَنِيّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ قعد في مُصَلاَّه حين ينصرف من صلاة الضحى حتى يُسَبِّحَ ركعتي الضحى لا يقول إلاَّ خيراً غُفِرَ له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر». رواهما أبو داود. ومنها حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من حافظ على شَفْعَة الضُّحَى غُفِرَ له، وإن كانت مثل زبد البحر». رواه أحمد، وغيره. ومنها حديث أبي سعيد: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول: لا يدعها، ويدعها حتى نقول: لا يصليها». رواه الترمذي.

(وكُرِهَ مزِيدُ النَّفْلِ) أي زيادته (عَلَى أرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ نهاراً، وعلى ثَمَانٍ لَيْلاً) لعدم ورود السُّنَّة بالزيادة فيهما، ولو جاز من غير كراهة، لفُعِلَ ولو مرة. وفي «النهاية»: النافلة ليلاً إلى ثمان جائزة، وفيما وراءه مكروهة في عامة الروايات. قال فخر الإسلام في «الجامع الصغير»: وأصل ذلك حديث عائشة: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّي من الليل


(١) سُلامَى: جمع سُلامِيَة، وهي الأُتْمُلة من أنامل الأَصابع. وهى التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان وقيل السُّلامى: كل عظم مُجَوَّف من صغار العِظَام. النهاية: ٦/ ٣٩٦.
(٢) في المطبوع: النخامة، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في سنن أبي داود ٥/ ٤٠٦، كتاب الأدب (٤٠)، باب في إماطة الأذى [عن الطريق] (١٥٩ - ١٦٠)، رقم (٥٢٤٢).
والنُّخاعة: هي البَزْقة التي تخرج من أصل الفم، مما يلي أصل النُّخَاع. النهاية: ٥/ ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>