للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصَحَّ اسْتِئْجَارُ دَارٍ أَوْ دُكَّانٍ بِلَا ذِكْرِ ما يَعْمَلُ فِيْهِ، وَلَهُ كُلُّ عَمَلٍ سِوَى مُوْهِنِ البِنَاءِ. لا اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ حَتَّى يُسَمِّيَ ما يُزْرَعُ أَوْ مَا يَعُمُّهُ، وَتَكُوْنَ الأَرْضُ خَالِيَةً عَنِ الزِّرَاعَةِ. فإنِ استَأَجَرَهَا للبِنَاءِ، أَو الغَرْسِ صَحَّ،

===

بِقَدْر ما أَوفى. ولهما أَنَّ الأَجْر مقابَلٌ بِنَقْل الكتاب إِذْ هو أَمْرٌ مقصودٌ بين الناس، أَوْ وسيلةٌ إِلى المقصود ـ وهو العلم بما فيه ـ فإِذا رَدَّه فَقد نقضه فيسقط الأَجْر. وأَما لو وجده غائباً فترك الكتاب هناك لِيُوْصَل إِليه، فله أَجْرُ الذَّهاب إِجْماعاً، لأنه أَتى بما في وُسْعِه. وفي «المحيط»: وكذا لو استأجر رسولاً ليبلِّغَ رسالته إِلى فلانٍ ببغداد، فلم يجد فلاناً وعاد، فله الأَجر لِقَطْع المسافة، لأَنه الذي في وُسِعه لا الإِسماع.

(وصَحَّ اسْتِئْجَارُ دَارٍ أَوْ دُكَّانٍ) أَوْ حانوتٍ (بِلَا ذِكْرِ ما يَعْمَلُ) المستأجِر (فِيْهِ) والقياس أَنْ لا يصْح، لأَن المقصود من الدار والدُّكَّان الانتفاع، وهو قد يكون بالسُّكْنى وقد يكون بوضْعِ الأَمْتِعة، فينبغي أَنْ لا يجوز ما لم يُبَيِّنْ ما يعمل فيها، كالأَراضي للزراعة، والثياب لِلُّبْس. ووجه الاستحسان أَنَّ العمل المتعارَفَ فيها السُكْنى، والمتعارَف كالمشروط، فينصرف العَقْد إِلى السُّكْنى، بِخلاف الأَرْض والثياب فإِنهما يختلفان باختلاف المزروع واللابس.

(وَلَهُ) أَي للمُستَأجِر في السُكْنَى فيها (كُلُّ عَمَلٍ) للإطلاق، ككسر الحطب، وغَسْلِ الثياب، لأَن السُكْنَى لا تتم (إِلاَّ) (١) بذلك فتكون من توابعها. وفي «المبسوط» و «الذَّخيرة»: إِنَّما يكون له رَبْط الدَّوَابِّ إِذا كان فيها مَوْضعٌ مُعَدٌّ لذلك، وأَما إِذا لم يكن فليس له ذلك. (سِوَى مُوْهِنِ البِنَاءِ) نحو الحِدَادة، والقِصَارة، والطَّحْن بالدَّابة دون اليد، لأن فيه ضرراً ظاهراً فيتقيَّد العقد بما وراءه دلالةً.

والحاصل: أَنْ كُلَّ عَملٍ يُفْسِد البناء أَوْ يُوْهِنُه فذلك لا يصيرُ مُسْتَحَقًّا له بِمُطْلَقِ العَقْدِ إِلاَّ أَنْ يشترط، وما لا يُوْهِنُ فهو مُسْتَحقٌّ بِمُطْلق العَقْد.

(لا اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ) أَي لا يَصِحُّ استئجارُ أَرْضٍ (حَتَّى يُسَمِّيَ ما يُزْرَعُ) فيها، لأَنَّهَا تُسْتَأجر للزراعة وغيرها، وما يُزْرَع فيها متفاوتٌ في الضرر، فلا بدَّ من التعيين لئلا تَقَعَ المنازعةُ، (أَوْ) يُسَمِّي (مَا يَعُمُّهُ) أَي يَعُمّ ما يزرع في الأَرض، بأَنْ يَذْكر أَنه يزرع ما يشاء فيها، لأَنه إِذا سَمَّى ما يعُمه ارتفعت الجهالة المُفْضِية إِلى المنازعة (وَ) حتى (تَكُوْنَ الأَرْضُ خَالِيَةً عَنِ الزِّرَاعَةِ) لأَنها لو كانت مشغولةً بها لم يكن المعقود عليه مقدورَ الاستيفاء منها. (فإِنِ استَأجَرَهَا) أَي الأَرْضَ (للبِنَاءِ، أَوْ الغَرْسِ صَحَّ) لأَنَّ ذلك


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>