للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الأتراك. وإن كان لا ينقصه، فليس بعيب كما في الحبش. وإنّما كان للمشتري الخيار بالعيب، لأنّ مطلق العقد يقتضي السَّلامة، فعند فواتها يتخيّر المشتري كي لا يتضرّر بلزوم ما لا يرضى به. وإنما لم يكن له أنْ يأخذه ويأخذ النقصان لتضرّر البائع، لأنه ما رَضِيَ بزوال المبيع عن ملكه إلاّ بكلّ الثمن.

وفي «البخاري»: ويُذْكَرُ عن العَدّاء بن خالد قال: كتب لي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: «هذا ما اشترى محمدٌ رسول الله من العَدَّاء بن خالد، بيعَ المُسْلِم المُسْلِمَ، لا داءَ ولا خِبْثَة ولا غَائِلَه، ثم قال البخاري: وقال قتادة: الغائلة: الزِّنا والسَّرقة والإباق. وروى ابن شاهين في «المعجم» عن أبيه قال: حدّثنا عبد العزيز بن معاوية القُرَشِيّ قال: حدّثنا عَبَّاد بن ليث قال: حدّثنا عبد الحميد بن وَهْبٍ قال: قال لي العدَّاء بن خالد بن هَوْذَة: ألا أقرأ لك كتاباً كتبه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟: «هذا ما اشترى العدّاء بن خالد بن هَوْذَة من محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم عبداً أو أمة، لا داء ولا غَائِلة ولا خِبْثَة، بيع المُسلِم المسلِمَ». ففي هذا الحديث أنّ المشتري العدّاء، وفي الأول أنه النّبي صلى الله عليه وسلم. وصحّح في «المُغْرِب» أنّ المشتري كان العدّاء.

وتعليق البخاري إنّما يكون صحيحاً إذا لم يكن بصيغة التمريض (١) كـ: يُذْكَرُ، بل بنحو قوله: وقال قتادة. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «بيع المسلم المسلم» دليلٌ على أنّ بيعَ المُسلمِ المُسلمَ ما كان سليماً. ويدلّ عليه قضاؤه بالرَّد فيه على ما في «سنن أبي داود» من حديث عائشة رضي الله عنها: أنّ رجلاً ابتاع غلاماً فأقام عنده ما شاء الله أن يُقيم، ثم وجد به عيباً فخاصمه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فردَّه، فقال الرجل: يا رسول الله قد استغلّ غلامي فقال عليه الصلاة والسلام: «الخراج بالضَّمان» (٢) . وفسّر الخَطَّابيّ الدَّاء بما يكون في الرقيق من الأدواء التي يُرَدُّ بها، كالجنون والجُذَام (٣) ونحوهما. والخِبْثَة: ما كان خبيث الأصل مثل أنْ يُسْبَى من له عهد. يقال: هذا سبيٌّ خِبْثَةٌ إذا


(١) اختصر المؤلف الكلام على معلقات البخاري بشكل موهم، وقد فصَّل ابن حجر الكلام عليها في "النكت. على كتاب ابن الصلاح" ٢/ ٥٩٩ - ٦٠٠. فانظره إذا شئت.
(٢) الخَراج بالضَّمان: يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المُبْتَاعة عبدًا كان أو أمة أو مِلْكًا، وذلك أن يَشْتَرِيَهُ فَيَسْتَغِلَّهُ زمانًا، ثم يَعْثُر منه على عيب قديم لم يُطْلعه البائع عليه، أو لم يَعْرفهُ، فله رَدَّ العين المبيعة وأخذ الثَّمن، ويكون للمشتري ما استغله، لأن المبيع لو كان تَلِف في يده لكان من ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء. النهاية ٢/ ١٩.
(٣) الجُذام: عِلّة تتأكل منها الأعضاء وتتساقط. المعجم الوسيط. ص ١١٣، مادة (جذم).

<<  <  ج: ص:  >  >>