للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإبَاقُ والبَوْلُ في الفِرَاشِ، وسَرِقَةُ صَغِيرٍ يَعْقِلُ عَيْبٌ، وَبَالِغٍ عَيْبٌ آخَرَ.

===

كان ممن يَحْرُم سبيه، وهذا سبيٌّ طِيَبَةٌ ـ بوزن حِبَرَة (١) ـ ضِدّه. ومعنى الغائلة: ما يَغْتال حقّك من حيلة، وما يُدَلّس عليك في المبيع من عيب. وتفسير الدّاء يوافق تفسير أبي يوسف (له. وأما أبو حنيفة، ففسّره فيما رواه الحسن عنه بالمرض في الجوف والكبد والريّة. وفسَّر أبو يوسف) (٢) الغائلة بما يكون من قبيل الأفعال كالإباق والسَّرقة، وهو قول الزَّمْخَشِريِ الغائلة: الخَصْلة التي تغول المالَ، أي تُهْلِكه من إباق وغيره. والخِبْثَة هو الاستحقاق، وقيل: هو الجنون.

(والإبَاقُ والبَوْلُ في الفِرَاشِ وسَرِقَةُ صَغِيرٍ يَعْقِلُ) أي يمّيز (عَيْبٌ) لأنّ هذه الأشياء توجب نقصان القيمة عند التُّجَّار، كالسعال القديم لدلالته على داءٍ مَسْتَحْكِمٍ، كالشَّعْرِ والماء في العينٍ لأنه يُضْعِفُ البصر. وقيّد الصَّغير بالعقل، لأنّ الذي لا يعقل لا يكون ذلك عيباً منه. وقيّد السَّرقة بالصغير تبعاً «للوقاية»، وهو قيْدٌ في الجميع. ولو قال: والسَّرقة من صغير يعقل لكان أولى. وقد تكلّف بأنّ اللاَّم في الإباق والبول للعهد، أي إباق الصغير وبوله. ويقدر بخمس سنين.

ثم الإباق عيبٌ باتفاقٍ إن خرج الآبق من البلد إلى غير مولاه، سواء أبق من المولى أو ممن كان عنده بإجارة أو إعارة أو وديعةٍ أو غصبٍ، وهو يعرف منزله ويقوى على الرُّجوع إليه. وإن لم يخرج من البلد اختلف المشايخ، والأشبه أن يقال: إن كانت البلدة كبيرة، كمصر وَسَمرْقَنْد يكون عيباً، وإن كانت صغيرة بحيث لا يخفى عليه أهلها وبيوتها، لا يكون عيباً كالحرمين الشريفين. ولا فرق في السَّرقة بين أنْ يكون من المولى أو من غيره، إلاّ إذا سرق من المولى شيئاً يُؤكَلُ، فإنّ التقصير من المولى حيث أحوجه إلى ذلك، إلاّ إذا سرقه لبيعه أو ليعطي غيره، ولو سرق نحو الفَلْس والفلسين، لا يكون عيباً.

(وَ) من (بَالِغٍ عَيْبٌ آخَرُ) حتَّى لو سرق عند البائع قبل بلوغه ثم سرق عند المشتري بعد بلوغه، لا يردّ بهذا العيب، (ولو سرق عند كل منهما قبل بلوغه، أو سرق عند كل منهما بعد بلوغه يردّ به) (٣) ، ولو اشتُرِي بشرط البراءة، لأنّ سبب هذه الأشياء يختلف باختلاف الصغر والكبر، واختلاف الأسباب دليلُ اختلاف المسببات. فالبول في الفراش في الصغر لضعف المَثَانة، وفي الكبر لافَةٍ في القوة الماسكة. والإباق في الصغر لحب اللعب. والسَّرقة فيه لقلة المبالاة، وهما في الكبر لخبثٍ في الطباع،


(١) الحِبَرَةُ: ثوب من قطن أو كتان مخطط كان يصنع باليمن. المعجم الوسيط. ص ١٥٢ مادة (حبر).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>