للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثلاثةٍ بشَّروه، متفرقين، والكلُ إنْ بشروه معًا.

وسَقَطَ بشراءِ أبيه لكفارتِهِ هي، لا بشراء عبد حَلَفَ بعتقه، ولا مستولدة بنكاح عَلَّقَ

===

ثلاثة) مِثْله، وكان الأظهر أن يقول: أول جماعة (بشَّروه) أي من عبيده (متفرقين) لأن البِشَارة اسم لخبر سار صدق، ليس للمبشَّر به علم، سُمِّي بذلك لأن بَشَرَة الوجه تتغير به، وتقيدت بالسَّار من العرف (والكلُ) عطف على الأول أي وعتقَ الكل (إنْ بشروه معاً) لتحقق البِشَارة منهم، قال الله تعالى: {وبَشَّرُوه بِغُلامٍ عليمٍ} (١) فنسبها إلى جماعة، ولو كان التعليق على الإِخبار مكان البِشارة بأن قال: كل من أخبرني، والباقي بحاله عتق الكل.

وذلك لما رُوي أنه صلى الله عليه وسلم مر بابن مسعود وهو يقرأ القرآن فقال: «من أراد أن يقرأ القرآن غضاً طرياً كما أُنْزِلَ، فليقرأ بقراءةِ ابن أم عبد» (٢) فابتدر إليه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بالبِشَارة، فسبق أبو بكر، فكان ابن مسعود يقول: متى ذكره: بشَّرني أبو بكر وأخبرني عمر.

(وسَقَطَ بشراءِ أبيه لكفارتِهِ هي) أي كفارته، وهي فاعلُ سقط، فكان الأولى أن يقول: ويسقط بشراء إبيه كفارة ابنه، وكذا حكم كلِّ ذي رحمٍ محرمٍ منه. وقال زفر، ومالك، والشافعي، وأحمد: لا تسقط وهو القياس، وهو قول أبي حنيفة أولاً، فصاحباه معه في قوله الآخر. ووجهه أنَّ الشارعَ جعل شراء القريب إعتاقاً، لما روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لن يجزي ولدٌ والدَه إلا أن يجدَه مملوكاً فيشتَريْه فيعتِقَهُ»، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن الابن قادرٌ على إعتاق الأب، فيكون قادراً تصديقاً له عليه الصلاة والسلام فيما أخبر.

ولا يقدِرُ على إعتاقه قبل الشراء، لعدم الملك ولا بعده، لأنه يَعتِقُ به عليه، فيكون نفس الشراء إعتاقاً، فإذا نوى بالشِّراء الكفَّارة يصير إعتاقاً عنها، فيصح ويجزيه، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يشترط غير الشراء، فإذا اشترى أباه بنية الكفارة كانت النية مُقَارِنَةً لعلةِ العتق، فيعتق عنها.

(لا) أي لا تسقط (بشراء عبد حَلَفَ بعتقه) إذا نوى بالشراء كفارته، لأن النيةَ لم تَقترن بعلةِ العتق، وهي اليمين. (ولا) بشراء (مستولدة بنكاح) حال كونه (عَلَّقَ


(١) سورة الذاريات، الآية: (٢٨).
(٢) أخرجه ابن ماجه في سننه ١/ ٤٩، المقدمة، رقم (١٣٨). والإمام أحمد في مسنده ١/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>