للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا بَعْدَمَا أعْتَقَ عَلَى مَالٍ، أو كَاتَبَهُ، أو قَتَلَهُ، أَوْ بَعْدَمَا أَكَلَ بَعْضَهُ، أوْ أَكَلَ كُلَّهُ، أوْ لَبِسَ فَتَخَرَّقَ.

===

الثمن، وعلى هذا.

(لَا بَعْدَمَا أعْتَقَ) أي لا يرجع المشتري بالنُّقصان إن ظهر عيبٌ قديمٌ في المبيع بعدما أعتق (عَلَى مَالٍ) أو بعدما (كَاتَبَهُ أو) بعدما (قَتَلَهُ، (أَوْ بَعْدَمَا أَكَلَ بَعْضَهُ؛) (١) أوْ) بعدما (أَكَلَ كُلَّهُ، أوْ) بعدما (لَبِسَ) الثّوب (فَتَخَرَّقَ)، أمّا الإعتاق على مالٍ فلأنّه أزال ملكه عنه بعِوض، فصار كالبيع وهو فيه لا يرجع، فكذا هذا. وعن أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف والشّافعيّ وأحمد أنه (يرجع، لأنّه) ( ١) إنهاءٌ للملك وإن كان بعوضٍ، فكان كالعتق مجّاناً، ولهذا ثبت فيه الوَلاء والكِتَابة كالإعتاق على مالٍ لحصول العوض فيها. وأمّا القتل فالمذكور ظاهر الرِّواية، وعن أبي يوسف ومحمّد معه في رواية «اليَنَابِيع»: أنّه يرجع، وبه قال الشّافعيّ وأحمد، لأنّ المقتول مات بأجله، فكأنّه مات حَتْفَ أنفه، ولأنّ قتل المولى لا يتعلّق به حكمٌ دنيويّ من قصاص أو دِيَةٍ، فصار كالموت حَتْفَ الأنف، وإنّما يتعلق به حكم أخروي من استحقاق العقاب إذا كان بغير حقٍ.

ووجه الظاهر أنّ القتل فعلٌ مضمونٌ، إذ لو باشره في ملك غيره ضمن، لقوله عليه الصلاة والسّلام: «ليس في الإسلام دَمٌ مُفْرَجٌ» (٢) أي مهدرٌ. وإنّما سقط ضمانه عن المولى لأجل أنّه ملكه، فكان ذلك السقوط في معنى عوضٍ سُلِّمَ له، وصار كأنّه باعه به بخلاف الإعتاق، فإنه لا يوجب الضمان لا محالة، كإعتاق المُعْسِر عبداً مشتركاً. وأمّا أكل الكلِّ، ولبس الثّوب فالمذكور هنا قول أبي حنيفة. والقياس أنْ يرجع بالنُّقصان، وهو قولهما ومذهب الشّافعيّ وأحمد، وبه أخذ الطَّحَاوِيّ.

وفي «الخُلَاصَةِ»: وعليه الفتوى، لأنّه فَعَل بالطعام والثوب ما يقصد بشرائهما ويعتاد فيهما، فأشبه الإعتاق بخلاف القتل والإحراق ونحوهما من الاستهلاك، فإنّه ليس غرضاً معتاداً من الشِّراء. ووجه قول أبي حنيفة ـ وهو الاستحسان ـ أنّ الرَّدَّ تعذّر بفعلٍ مضمونٍ، فأشبه البيع والقتل. وإنّما سقط عنه الضَّمان لأجل أنه ملك. وأمَّا أكل بعض الطَّعام فالمذكور قول أبي حنيفة، وهو أنّه لا يرجع بنقصان ما أكل وما بَقِيَ اعتباراً بالكلّ، ولا يردّ الباقي لأنّ الطَّعام كشيءٍ واحدٍ فلا يردّ بعضُه بالعيب


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) لم نجده في المصادر المتوفرة بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>