الشّفعة تبطُل بطول الزّمان، وبالإعراض وبما يدلّ عليه، فإذا بيّن سأله عن طلبه الإشهاد كيف كان؟ وعند من أشهد؟ وهل كان الذي أشهد عنده أقرب من غيره؟ فإذا بيّن ولم يخلّ بشيءٍ من الشروط، تمّت دعواه، فيسأل الخصم حينئذٍ كما مرّ.
(فَلَزِمَهُ) أي إذا قضى القاضي بالشُّفعة لزم الشفيع (إحْضَارُ الثَمَّنِ) من غير مهلةٍ (وَيَحْبِسُ) المشتري (الدّارَ لَهُ) أي لأجل الثَّمن حتّى يدفعه الشفيع إليه (وَلَا يَسْمَعُ) القاضي (البَيِّنَةَ عَلَى بَائِعٍ) لم يسلّم العَقَار إلى المشتري (حَتَّى يَحْضُرَ المُشْتَرِي فَيَفْسَخ) القاضي البيع (بِحُضُورِهِ وَيَقْضِي بِالشُّفْعَةِ) لأنّ الملك للمشتري واليد للبائع والقاضي يقضي بهما للشفيع، فلا بدّ من حضورهما.
قيّد بالبائع، لأنّ المشتري الذي سلّم البائع إليه العَقَار إذا خاصمه الشفيع لا يشترط في سماع البيّنة عليه حضور البائع، لأنّ حكم العقد في حقّ البائع قد انتهى بالتسليم إلى المشتري، فصار البائع كأجنبيٍ آخر. وقيّدنا البائع بكونه لم يسلّم العقار إلى المشتري، لأنّ الذي سلّمه إليه لا يسمع القاضي البيّنة عليه أصلاً، ولا يكون خصماً للشفيع. وفي قوله:«فيفسخ بحضوره» إشارةٌ إلى علّةٍ أخرى، وهي أنّ البيع إذا كان ينفسخ في حقّ المشتري، فلا بد من حضوره ليقضي بالفسخ عليه.
(وَالعُهْدَةِ) أي ويقضي بعهدة الحقوق فيما أخذ الشفيع بمخاصمة البائع (عَلَى البَائِعِ) فعليه التّسليم وضمان الثّمن عند الدَّرَك (١) . وقال الشّافعي: العهدة على المشتري سواءٌ أخذها من يد البائع أو المشتري، لأنّ حقوق العقد عنده ترجع إلى المالك.
(وَلِلشَّفِيعِ) إذَا قضى القاضي له بالشّفعة ولم يكن رأى المبيع (خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَ) له إذا وجد به عيباً خيار (العَيْبِ) فيردّ إن شاء (وَإنْ شَرَطَ المُشْتَرِي) للبائع (البَرَاءَةَ مِنْهُ) من العيب، لأن الأخذ بالشُّفعة بمنزلة الشِّراء. ألا ترى أنه مبادلة مالٍ بمالٍ؟ فيثبت للشفيع فيه خيار الرّؤية والعيب كما في الشراء، ولا يسقط مَا لَهُ من خيار الرّؤية برؤية
(١) الدَّرَك: ما يأخذه المشتري من البائع رهنًا بالثمن خوفًا من استحقاق المبيع. معجم لغة الفقهاء، ص ٢٠٨.