للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سُكْنى هَذَا بَعْضًا مِنْ دَارٍ، وَهَذَا بَعْضًا، وَخِدْمَةِ عَبْدٍ: هَذَا يَوْمًا، وَهَذَا يَوْمًا، كَسُكْنَى بيتٍ صَغِيرٍ، وَعَبْدَيْنِ: هَذَا هَذَا العَبُد، والآخَرُ الآخَر.

===

التهيئة أو التهيؤ. كأن أحدهما يهيءّ الدّار مثلاً لانتفاع صاحبه. أو يتهيأ للانتفاع بها إذا فَرَغ صاحبه. وهي جائزةٌ لما رُوِيَ أنه عليه الصلاة والسلام قَسَم في غزوة بدر كل بعير بين ثلاثة نفرٍ، وكانوا يتناوبون في الرُّكوب.

والتهايؤ على وجوهٍ: تهايؤٌ (في سُكْنى هَذَا بَعْضاً مِنْ دَارٍ، وَهَذَا بَعْضاً) منها. وهو جائزٌ بالاتفاق، لأنّ القسمة على هذا الوجه جائزةٌ فكذا التهايؤ عليه. (وَ) تهايؤٌ في (خِدْمَةِ عَبْدٍ هَذَا يَوْماً، وَهَذَا يَوْماً، كَسُكْنَى بِيتٍ صَغِيرٍ) هذا يوماً، وهذا يوماً.

وهو جائزٌ بالاتفاق أَيضاً، لأنّ التهايؤ قد يكون من حيث الزّمانُ، وقد يكون من حيث المكانُ والأول متعيّن هنا.

(وَ) تهايؤٌ في (عَبْدَيْنِ هَذَا) أي هذا السيد له (هَذَا العَبْد، والآخَرُ) أي والسيد الآخر له العبد (الآخَر) وهو جائزٌ عند أبي يوسف ومحمد، لأنّ القسمة على هذا الوجه (جائزة) (١) جبراً من القاضي وبالتّراضي، فكذا المهايأة. وقيل: لا تصحّ عند أبي حنيفة وهو مروي عنه، لأنّ الرقيق لا يجري فيه جبر القاضي على القسمة عنده. والأصحّ أَنها تصحّ عنده من القاضي، لأنّ منافع الرّقيق من حيث الخدمَة، فلا تتفاوت، بخلاف أعيان الرقيق فإنها تتفاوت تفاوتاً فاحشاً. ولو طلب أحدُهما القسمة، والآخَرُ المهايأة يقسم.

واعلم أنّ التهايؤ قد يكون في الدّار الواحدة والدّارين، وفي العبد الواحد والعبدين، وفي الدّابة الواحدة وفي الدَّابتين، من حيث المنفعةُ، أو من حيثُ الاستغلال. فإنْ كان في غلّة دارٍ أو دارين، أو خدمة عبد أو عبدين، أو سُكْنى دار أو دارين يصحّ اتفاقاً. وإن كان في غلّة عبدٍ أو غلّة بغلٍ لا يصحّ اتقافاً. وإن كان في غلّة عبدين، أو غلّة بغلين، أو ركوب بغلٍ أو بغلين، لا يصحّ عند أبي حنيفة خلافاً لهما. قال أبو المكارم: فهذه اثنتا عشرة مسألة في ست منها تصحّ المهايأة اتفاقاً، وفي اثنتين لا تصحّ اتفاقاً، وفي الأربعة خلافٌ. انتهى.

وكذا لا تصحّ المهايأة في ثمر شجر، أو لبن غنم على أن يأخذ كلّ واحدٍ منهم طائفة يستثمرها، أو طائفة يرعاها وينتفع بألبانها، لأنها تختصّ بالمنافع دون الأعيان. فالضرورة تتحقّق في المنافع، لأنّه لا يمكن قسمتها بعد وجودها لسرعة فنائها


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>