للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمَّتْ، وللخُبْزِ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ مِنَ التَّنُّوْرِ، فإِذَا احْتَرَقَ بَعْدَما أُخْرِجَ، فَلَهُ الأَجْرُ، وقَبْلَهُ لا. ولا غُرْمَ فِيْهِمَا.

===

تَمَّتْ) لأَن العمل في البعض غيرُ مُنْتَفَعٍ به فلا يستوجِب به أَجْراً. وقال أبو حنيفة ـ أَوْلاً ـ وهو قول زُفَرَ: لا يجِب شيءٌ من الأُجرة إلاَّ بعد استيفاء جميع المنفعة، سواء كان العقد على المُدَّة، كما في إِجَارة الدَّار والأَرْض، أَوْ على قَطْع المسافة، كما في كَرْي (١) الدابة إِلى مكة، أَوْ على العمل، كما في القِصَارة والخياطة والصِّبَاغة.

وإنْ كانت حِصة ما اسْتُوْفي مِنْ العَمَل معلومةً، سواء عمِل في غير بيت المستأجر، أَوْ في بيته على ما في «التجريد»، و «الهداية»، ويطلبه القَصَّار والخَياط بعد الفراغ لو عمل في بيته. ثُم رجع وقال: إِنْ وقعت الإِجارة على المدة، أَوْ على قَطْع المسافة يجِب إيفاء الأَجر بحِصَّة ما اسْتُوفِي مِنْ المنافع إِذَا كان لِما اسْتُوفيَ حِصَّةٌ مَعْلومَةٌ من الأَجَر، ففي الدار يجب الإيفاء يوماً فيوماً، وفي قَطْع المسافة مرحلةً فمرحلةً. وفي الإِجارة التي تنعقد على العَمَل ـ ويبقَى للعامل أثرٌ في العين ـ لا يجِب إِيفاء الأَجر إلاَّ بعد إيفاء العمل كله، ويستحق (حِصَّة) (٢) ما خاط لو عمل في بيت المستأجر على ما هو المشهور، كما في «المبسوط» وغيره، فإنه حينئذٍ كالدار والدابة.

(و) للمُؤجِر طلب الأَجر (للخُبْزِ) بالضم ويجوز فتحه (بَعْدَ إِخْرَاجِهِ مِنَ التَّنُّوْرِ) لأَن تمامه بذِلك (فإِذَا احْتَرَقَ) الخبز (بَعْدَما أُخْرِجَ) من التنور من غير فِعْلِهِ (فَلَهُ الأَجْرُ) لوجود تمام العمل. (و) إِذَا احترق (قَبْلَهُ) أَي قبل إِخْراجه مِنْ التنور (لا) أَي لا أَجر له لعدم وجود تمام العمل. وفي «النِّهاية»: إنَّ رواياتِ الكتب من «المبسوط»، و «الذخيرة»، و «المغني»، و «الجامع» لفخر الإِسلام، و «قاضيخان»، والتُّمُرْتَاشِي، و «الفوائد الظهيرية»: أَنَّ العامل في بيت المستأجر يستحق الأَجْر بِقَدْر عملِهِ، حتى لو سرَق الثوب فله من الأَجر بِقْدر عمله، لأَنَّ كل جزءٍ من العمل يصير مُسلَّماً إِلى صاحب الثوب بالفراغ منه. وفي «الهداية»: أَنه لا يستحق الأَجر إِلا بالتَّمَامِ.

(ولا غُرْمَ فِيْهِمَا) أَي في حالتي الاحتراق بعدَ الإِخراج وقبْلَه على الأَجير، لأَنه لم توجد منه جناية، وهذا عند أَبي حنيفة. وعندهما: على الأَجير الغُرْم، لأَنه أَجِير مشترك، والعين في يده مضمونةٌ عندهما. هكذا حكى القُدُورِي الخلاف في شرحه. وفي «شَرْح الوافي»: ولا ضمان عليه بالهلاك عند الكلِّ: أَمَّا عند أَبي حنيفةَ فلأَنَّه لم


(١) كمن استأجر سيارة من مكة إلى المدينة، فتكون الإِجارة على المسافة لا على الوقت.
(٢) في المطبوعة: خاصة، وما أَثبتناه من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>