للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتبر الأَهِلَّة. وإِلَّا فالأَيَّامُ كالعِدَّةِ.

وإِجارَةُ الحَمَّامِ والحَجَّام

===

والمراد اليوم الأَول من الشهر (اعتبر الأَهِلَّة) في شهور السنة كلها، لأَنها هي الأَصل في الشهور. قال تعالى: {يَسْأَلُونك عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِي مَوَاقِيْتُ لِلنَّاسِ} (١) ، (وإِلاَّ) أَي وإِنْ لم يكن العقد حين يهل بأَنْ كان في أَثناء الشهر (فالأَيَّامُ) أَي فالمعتبر في شُهور السنة كلّها الأَيام، وهذا عند أَبي حنيفة، وهو روايةٌ عن أَبي يوسف، وقول للشافعي، ورواية عن أَحمد.

وعن محمدٍ وهو روايةٌ عن أَبي يوسف وقول للشافعيّ ورِوَايةٌ عن أَحمد، الشهر الأَول بالأَيام ويُكْمَل من الشهر الأَخِيْر والباقي بالأَهِلة، لأَن الأَصْل في اعتبار الشهور الأَهلة، والأَيام يصار إِليها ضرورة، أَلا ترى إِلى قوله عليه الصلاة والسلام: «صُومُوا لِرُؤيتِهِ، وأَفْطِرُوا لِرُؤيتِهِ، فإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّة شَعْبَان» (٢) ، والضرورةُ في الأَول من الشهور، فَيُكْمَل من أَيام الشهر الأَخِير ويعتبر فيما بينهما بالأَصْل.

ولأَبي حنيفة أَنه لما وجب تتميم الأَول بالأَيامِ قبل ابتداء الثاني، وجب تتميمه من الثاني لأَنَّه متصل به، فابْتُدِاء الثاني بالأَيام ضرورةً، وهكذا إِلى آخِرِ المدة (كالعِدَّةِ) أَي كما يُعْتَبر في العدة إِذا كانت بالشهور: الأَهِلة إِذا كان ابتداءُ العدة حين يهل الهِلَالُ، والأَيام إِذَا كان ابتداؤها في أَثناء الشَّهر.

(و) صح (إِجارَةُ الحَمَّامِ والحَجَّام) أَما الحَمَّام فلتَعَارُفِ الناس، وقد رَوَى الحاكم في «مُسْتَدْرَكِهِ» عن عبد الله بن مسعود أَنه قال: «ما رآه المُسْلِمُون حَسنَاً فهو عند الله حسن». وما فيها من الجهالة ساقطٌ لمكان الضرورة. وأَما الحَجَّام فمنع أَحمدُ إِجارَتَه، لما أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عن رافع بن خَدِيْج أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كَسْبُ الحَجَّام خَبِيْثٌ».

ولنا ما رَوى الشيخان عن ابن عباس: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم احتجم وأَعطى الحَجَّامَ أَجْرَه. زاد البخاري في لفظ: ولو كانَ حَرَامَاً لم يُعْطِهِ. وفي لفظٍ: لو عَلِم كَرَاهَتَهُ لم يُعْطِهِ. ولِمُسْلِم: ولو كان سُحْتَاً (٣) لم يُعْطِهِ. وذلك أَنَّه كما لا يَحِل لأَحدٍ أَكْلُ الحرامِ


(١) سورة البقرة، الآية: (١٨٩).
(٢) صحيح البخاري (فتح الباري) ٤/ ١١٩، كتاب الصوم (٣٠)، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا رأَيتم الهلال فصوموا، … " (١١)، رقم (١٩٠٩).
(٣) السُّحْت: المال الحرام وما خَبُث من المكاسب. معجم لغة الفقهاء ص ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>