للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبَيْعِ مَا آجَرَهُ. وتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ العَاقِدَيْنِ، إن عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ،

===

(و) بخلاف (بَيْعِ) المُؤجِر (مَا آجَرَهُ) فإِنه ليس بعذرٍ لإِمْكان استيفاء المستأجر المنافع، والعين على ملك المشتري كما يستوفيها، والعين على ملك البائع في ظاهر الرواية لعدم منافاته لحقِّه. وقيل: يفسخه كالإِجارة، وإِنما الخيار للمشترِي: إِنْ شاء فسخ البيع، وإِنْ شاء صبر إِلى انقضاء الإِجارة وأَخذ المبيع، وإِن أَجاز المستأجِر البيع تبطل إِجارته فيما بقي من المدة، لسقوط حَقِّه في ضِمْن إِجازته عقداً ليس له، بخلاف إِجازته الإِجارة، لأَن العقد وقع له لوقوعه على مِلْكه. وأَما لو آجَر ما آجَره في مدة المستأجر فسخ عقده إِنْ شاء، لاستحقاقه المنفعة دونه، أَوْ (أَجاز) (١) واستحق الأَجر، لأَن عقده صار كعقد الفُضولي لصيرورته أَجنبياً عن المنفعة في مدة المستأجر.

وقال الشافعي: لا تفسخ الإِجارة بالعذر، لأَن المنافع عنده بمنزلة الأَعيان، فكانت الإِجارة كالبيع، وهو يُفْسخ بالعيب لا بالعذر، فكذا الإِجارة، وبه قال مالك، وأَحمد وأَبو ثَوْر.

ولنا أَنَّ العذر في الإِجارة، كالعيب في المبيع قبل القبض، لأَن المعقود ـ عليه وهي المنافع ـ لا تصير مقبوضة إِلا بالاستيفاء، والبيع يفسخ بالعيب الحاصل قبل القبض، فتنفسخ الإِجارة بالعذر. والجامع بينهما عَجْز العاقد عن المُضي في موجب العقد، إِلاَّ بضررٍ زائدٍ لم يُستحق بالعقد.

وفي «الجامع الصغير»: وكلُّ ما ذكرنا أَنه عُذْرٌ فإِن الإِجارة فيه تنتقض، وهذا يشير إِلى أَنه لا يحتاج فيه إِلى قضاء القاضي، لأَنه بمنزلة العيب في المبيع قبل القبض، فينفرد العاقد بالفسخ. وفي «الزيادات»: أَنْ الأَمر يرفع إِلى الحاكم ليفسخ الإِجارة، لأَنه فصل مجتهد فيه فيتوقف على قضاء القاضي، كالرجوع في الهِبة. قال شمس الأَئمة: وهو الأَصح. ومنهم مَنْ قال: إِذا كان العذر ظاهراً انفسخت، وإِلا يفسخها القاضي. قال «قاضيخان» و «المحبوبي»: وهو الأَصح، والعذر الظاهر مثل الاستئجار لقلع الضرس فيسكن الوجع، أَوْ لطبخ الوليمة فتخالع المرأَة.

(وتَنْفَسِخُ) الإِجارة (بِمَوْتِ أَحَدِ العَاقِدَيْنِ إِنْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ) وبه قال الثوري والليث. وقال مالك والشافعي وأَحمد وأَبو ثَوْر وإِسحاق: لا تنفسخ، ويقوم وارثُهُ


(١) في المطبوع: أَجازه، وما أَثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>