للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمنعه خَرْقٌ يَبدو منه قَدْرُ ثلاثِ أصابع الرِّجْل أصغرِها. ويُجمَعُ خُروقُ خُفٍّ لا خُفَّين.

وفي سفَر المقيم وعكسِهِ قبلَ يومٍ وليلةٍ يُعتبَرُ الأخيرُ. وبَعْدَهما يَنزِعُ.

===

(ويَمنعُه) أي مَسْحَ الخُفّ (خَرْقٌ) أي دونَ الكَعْب، لأنَّ ما فوقه لا عِبرةَ به في حقّ المسح، حتى جاز المسحُ على خُفَ قُطِعَ من الكعبين.

(يَبدو) أي يَظهرُ حالَ المشي (منه) أي مِنْ ذلك الخَرْق (قَدْرُ ثلاثِ أصابعِ الرِّجْل) أي مضمومة (أصْغَرِها) بالجرّ، لأنَّ الخِفافَ لا تخلو عن قليلِ الخَرْق وتخلو عن كثيره غالباً، فلو اعتُبِرَ القليلُ مانعاً وقع الحرج، فاعتَبَرنا الكثيرَ، وقدَّرناه بثلاثِ أصابعِ الرِّجْل الصغار، لأنَّ الأصل في القدم الأصابع، والثلاثُ أكثرُها فقام مقامَ الكل، واعتبارُ الأصغر للاحتياط.

وقدَّر مالك المنعَ بأكثر القدم لأنَّ الأصل في الرُّخصة أنَّ الصحابة وعامَّتُهم كانوا محتاجين لا يجدون إلا الخَلَق (١) من الخِفاف وقد جُوِّزَ لهم المسحُ.

(ويُجمَعُ خُروقُ خُفّ) حتى لو بلَغَ مجموعُها قدْرَ ثلاث أصابع مَنَع (لا خُفَّين) حتى لو بلَغَ مجموعُ ما فيهما قَدْرَ ثلاث أصابع لا يَمنع. ولو كانت النجاسةُ في الخُفَّين جُمِعَتْ، وكذا لو كانت في ثيابِ المصلي أو في ثوبه وبدَنِه وتحت قَدمِه، وكذا انكشاف العورة في مواضعَ متعددة. وقد أجاز الخَرْقَ اليسيرَ مالكٌ كعلمائنا، ونفاه الشافعي.

(وفي سفَرِ المقيم وعكْسِهِ) أي إقامة المسافرِ (قبل يوم وليلة) هذا قيدٌ في المسألتين (يُعتَبَرُ الأخيرُ) وهو السَّفَرُ في الأولى، فيُكمِلُ ثلاثةَ أيام، والإِقامةُ في الثانية فيُكمِلُ يوماً وليلة، لأنه صَدَقَ في الأولى أنه مسافر، وفي الثانية أنه مُقِيم، وقد قال صلى الله عليه وسلم «يَمسَحُ المقيمُ يوماً وليلة، والمسافرُ ثلاثةَ أيام». (وبَعْدَهما) أي وفي سفَرِ المقيم وإقامةِ المسافر بعدَ يومٍ وليلة (يَنْزِعُ) أي جنسَ الخف، أما في الأُولى فلانتهاءِ المدة، وأمَّا في الثانية، فلأنَّ رُخْصةَ السَّفَر لا تَبقَى بدونه، والله تعالى أعلم.

وقال الشافعي: لا يجوزُ لمن مسَحَ ثم سافر قبلَ يوم وليلة تكميلُ مدَّةِ السفر.

وأمَّا لو أقام مسافر في مُدَّته لم يَزِد على يوم وليلة من حينِ مسَحَ (٢) ، وهذا


(١) الخَلَق: البالي. مختار الصحاح ص ٧٨، مادة (خلق).
(٢) قوله: "من حين مسح" معارض بما ذكر ص ١٢٨، من أن مدة المسح تبدأ من وقت الحدث، لا من وقت المسح، فالصواب أن يقول: من حين أحدث.

<<  <  ج: ص:  >  >>