للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَقَلُّهُ ثَلاثَةٌ.

وصَحَّ حَبْسُهُ مَعْ ضَرْبِهِ، وَضَرْبُهُ أَشَدُّ، ثُمَّ للزِّنَا، ثُمَّ لِلْشُّرْبِ، ثُمَّ لِلْقَذْفِ،

===

بقول أَبي حنيفة في العبيد، وبقول أَبي يوسف في الأحرار.

(وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ) هكذا ذكره القُدُورِيّ، وكأَنه يرى أَنْ ما دون الثلاثة لا يقع به الزجر. وذكر التُمُرْتَاشي عن السَّرَخْسِيّ: أَنه ليس فيه شيءٌ مقدّر، بل مفَوَّضٌ إِلى رأْي القاضي، لأن المقصود منه الزَّجر، وأَحوال الناس مختلفة فيه: فمنهم من ينزجر بالنصيحة، ومنهم مَنْ يحتاج إِلى اللَّطمة، ومنهم مَنْ يحتاج إِلى الضَّرْب، ومنهم من يحتاج إِلى الحبس. وفي النهاية: تعزير أَشراف الأشراف ـ وهم العلماء والعلوية ـ بالإعلام، وهو أن يقول له القاضي: بلغني أنك تفعل كذا؛ وتعزيز الأَشراف وهم الأمراء والدَّهَاقِين (١) : بالإعلام والجرّ إِلى باب القاضي والخصومة في ذلك؛ وتعزير الأوساط وهم السُّوقة: بالإعلام والجر والحبس. وتعزير الأَخِسّة: بهذا كلّه والضرب.

وسُئِلَ الهِنْدُواني عن رجلٍ وجد رجلاً مع امرأَته أَيحل له قتله؟ قال: إِنْ كان يعلم أَنه ينزجر بالصياح والضرب بما دون السلاح لا يحلّ له قتله، وإِن علم أَنه لا ينزجر بذلك حلّ له قتله، وإِن طاوعته المرأَة حلّ له قتلها أَيضاً.

وعن أَبي يوسف: يجوز للسلطان أَنْ يعزِّر بالمال (مثل أَموال البغاة فليُحفظ) (٢) . وقال أَبو حنيفة ومالك والشافعيّ وأَحمد: لا يجوز. ثم التعزير فيما شُرِعَ فيه واجبٌ إِذا رآه الإمام، وبه قال مالك وأَحمد. وقال الشافعيّ: ليس بواجبٍ. ولنا أَنه زاجرٌ مشروعٌ، فيجب كالحدّ.

(وصَحَّ حَبْسُهُ مَعْ ضَرْبِهِ) إِذا رأَى الإمام فيه مصلحة. (وَضَرْبُهُ) أَي ضرب التعزير (أَشَدُّ) من ضرب الحدود، لأن ضرب التعزير خُفِّفَ من حيث الكميةُ (٣) ، فلا يخفَّف من حيث الكيفيةُ لئلا يؤدي إِلى فوت المقصود الذي هو الزجر بالكلية. وفي «المحيط»: أَنْ محمداً ذكر في حدود «الأصل»: أَنْ التعزير يفرَّق على الأعضاء، وذكر في أَشربة «الأصل»: أَنْ ضرب التعزير يكون في موضع واحدٍ.

(ثُمَّ) الحدّ (للزِّنَا) لأنه ثابتٌ بالكتاب بخلاف حدّ الشرب، فإِنه بقول الصحابة كما تقدّم (ثُمَّ) الحدّ ((لِلْشُّرْبِ ثُمَّ) الحدّ) (٤) (لِلْقَذْفِ) لأن جناية الشرب بلا شُبْهة


(١) الدُّهْقَان: رئيس القرية، رئيس الإقليم، القوي على التصرف مع شدة خبرة، من له مال وعقار، التاجر. المعجم الوسيط ص ٣٠٠، مادة (دَهْقن).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع: العدد، والمثبت من المخطوط.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>