للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ يَفْسُدُ سَرِيْعًا، كَلَبَنٍ وَلَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ، وثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ، وَبِطِّيْخٍ وَزَرْع لَمْ يُحْصَدْ،

===

برجلٍ سرق دجاجةً، فأَراد أَنْ يقطعه، فقال له سَلَمَة بن عبد الرحمن: قال عثمان لا قَطَعَ في الطير. ورَفْعُه كما في «الهداية» غير معروف. وروى ابن أَبي شَيْبَة أَيضاً أَنْ عمر بن عبد العزيز أُتِي برجلٍ قد سرق طيراً، فاستفتى في ذلك السائب بن يزيد فقال: ما رأَيت أَحداً قطع في طيرٍ، وما عليه في ذلك قطع، فترك عمر.

(أَوْ يَفْسُدُ سَرِيْعَاً) عطف على ما يوجد مباحاً، وكان الأولى أَنْ يقول أو ما يفسد ليعطف على تافه، لأن ما يفسد قد لا يكون تافهاً (كَلَبَنٍ وَلَحْمٍ) وكذا ما هو مهياً للأكل كالخبز على ما في «الإيضاح» و «شرح الطحاوي»، بخلاف ما لم يكن مهيأَ للأكل كالحِنْطة والسكر، فإِنه يقطع فيه إِجماعاً، وهذا في غير سَنَة القحط، وأَما فيها فلا قطع في الطعام، سواء كان ممن يتسارع إِليه الفساد أَوْ لا، وسواء كان مُحْرَزاً أَوْ لا، لأنه يسرق عن ضرورة جوع، والضرورة تبيح تناول مال الغير بقدر الحاجة، فَمَنَع ذلك القطع. وروى عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» عن سُفْيَان الثَّوْرِيّ، عن رجلٍ، عن الحسن: أَنْ النبي صلى الله عليه وسلم أُتِي برجلٍ سرق طعاماً فلم يقطعه. قال سفيان: هو الطعام الذي يفسد من نهاره كالثَّرِيْد (١) واللحم. وروى أَبو داود في «مراسيله» عن الحسن البصري: أَنْ النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا قطع في الطعام» وذكره عبد الحق في «أَحكامه» من جهة أَبي داود، ولم يعلله بغير الإرسال، وأَقرّه ابن القَطَّان على ذلك.

(وَفَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ) يدخل فيها الرُّطَب والعنب دون الزبيب والتمر (وثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ وَبِطِّيْخٍ وَزَرْعٍ لَمْ يُحْصَدْ) لعدم وجود الإحراز، وإِن كان في حائط (٢) . روى أَبو داود والنَّسائي وابن ماجه عن عمرو بن شُعَيْب، عن أَبيه، عن جدّه عبد الله بن عمرو (ابن العاص) (٣)

أَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الثَّمْر المعلّق فقال: «من أَصاب بفيه من ذي حاجةٍ غير متَّخذٍ خُبْنَة، فلا شيء عليه، ومن سرق منه شيئاً بعد أَنْ يؤويه الجَرِين فبلغ ثمن المِجَنّ فعليه القطع».

والخُبْنَة: بضم المعجمة وسكون الموحدة فَنُونٌ: ما يؤخذ في طرف الثوب. والجَرِيْن بالجيم: المِرْبَد: وهو الموضع الذي يُلْقى فيه الرُّطَب لِيَجُف.

ولما رواه مالك في «الموطأ» أَنه عليه الصلاة والسلام قال: «لا قطع في ثمر


(١) الثَّرِيْدُ: يقال ثردت الخبز: وهو أن تَفُتَّه ثم تَبُلَّه بمرقٍ. المصباح المنير ص ٣٢، مادة ثرد.
(٢) الحائط: البستان، المعجم الوسيط ص ٢٠٨، مادة (حاط).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إثباته لموافقته لما في سنن أَبي داود ٤/ ٥٥١، كتاب الحدود (٣٧)، باب ما لا قطع فيه (١٣)، رقم (٤٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>