للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَفْتَرٍ، إِلّا دَفْتَرِ الحِسَابِ.

وَلا في كَلْبٍ، وَفَهْدٍ، وخِيَانَةٍ، ونَهْبٍ،

===

ازدادت ماليته بما كتب فيه وبجلده، ولهذا يصحّ بيعه وشراؤه.

ولنا أَنْ آخذه يتأَوّل (١) القراءة فيه، أَوْ النظر لإزاحة إِشكالٍ وقع له، والقطع يُدْرأُ بالشبهة. وقال مالك والشَّعْبِيّ: يقطع بسرقة الحرّ الصغير، لأنه غير مميّز، فأَشبه العبد الصغير. ولنا: أَنْ الحرّ ليس بمالٍ، وما عليه تبعٌ له. وهذا الخلاف في صبيّ لا يمشي ولا يتكلّم، حتى لو كان يمشي ويتكلّم ويميّز لا يقطع سارقه إِجماعاً، لأنه في يد نفسه وله يد على ما هو تابعٌ له، فكان أَخذه خداعاً لا سرقة. وقال ابن المنذر: أَجمع أَهل العلم على قطع سارق العبد الصغير إِذا لم يعبّر عن نفسه ولم يميّز، وإِن كان يعبّر ويميِّز فلا قطع بالإجماع.

(وَدَفْتَرٍ) سواء كان فيه علم الشريعة أَوْ الشعر أَوْ اللغة، لأن المقصود من دفاتر هذه الأشياء ما فيها، وهو ليس بمالٍ (إِلاّ دَفْتَرِ الحِسَابِ) وقال مالك والشافعيّ وأَحمد يقطع في الدفاتر كلّها سواء كانت فيها علوم الشريعة أَوْ غيرها إِذا بلغت قيمتها نِصاباً (لأنها مال متقوّم يبلغ قيمته نصاباً) (٢) ، فيدخل في عموم الآية. (وَلَا في كَلْبٍ وَفَهْدٍ) لأن جنسهما مباح الأصل، ولأن اختلاف العلماء في مالية الكلب أَورث شبهة، ولو كان على كلب طَوْق ذهبٍ ونحوه لا يقطع، لأنه تبعٌ له كالصبيّ الحرّ إِذا كان عليه حُلِيّ.

(و) لَا في (خِيَانَةٍ) وهي الأخذ ممّا في يده على وجه الأمانة (و) لا في (نَهْبٍ) وهو الأخذ على وجه العلانية والقهر في بلدة أَوْ قرية، لِمَا أَخرجه أَصحاب «السنن الأربعة» عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: «ليس على خائنٍ ولا مُنْتَهِبٍ ولا مُخْتَلِس قطعٌ». قال الترمذي: حديث حسنٌ صحيحٌ، وسكت عنه عبد الحقّ في «أَحكامه»، وابن القطَّان بعده، فهو صحيحٌ عندهما.

وعن أَحمد: يقطع جاحد العَارِيَّة، وبه قال إِسحاق بن راهُويَه (٣) لما أَخرجه مسلم عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيّ، عن عُرْوَة، عن عائشة قالت: كانت امرأَة مخزومية تستعير المتاع وتجحده، فأَمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها. وأُجِيْب بأَن ذكر العَارِيّة في هذا الحديث وقع لقصد التعريف لا لأنه سبب للقطع، فإِنها كانت كثيرة الاستعارة والجحد حتّى عُرِفَت به واستمرت على ذلك حتى سرقت، فأَمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، بدليل الأحاديث التي صُرِّح فيها بالسرقة. وقيل: الحديث منسوخٌ بما رُوِّيْنَا من


(١) في المطبوع: يتناول، والمثبت من المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع: الحاكم، والمثبت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>