للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُحْسَمُ، ثُمَّ رِجْلُهُ اليُسْرَى إِنْ عَادَ، فَإِنْ عَادَ ثَالِثًا لَا، بَلْ يُسْجَنُ حَتّى يَتُوْبَ.

===

مَنْكِبِه، إِذْ اليد) (١) من المَنْكِب. ولنا أَنْ النص أَمَرَ بقطع اليد، وهي تُطلق من المَنْكب، ومن المِرْفق، ومن الرُّسْغ في اللغة والشرع، وقد تبيّن أَنْ المراد بها في الآية من الرسغ بعمله صلى الله عليه وسلم وعمل الصحابة، وانعقد عليه الإجماع. ولأن هذا القدر متيقّن به، وفي الحدود يؤخذ بالمتيقّن احتياطاً. وقد روى الدَّارَقُطْنِيّ في «سننه»: أَنْ النبي صلى الله عليه وسلم أَمر بقطع الذي سرق رداء صفوان من المَفْصِل. وروى ابن أَبي شَيْبَة في «مصنفه» عن رجاء بن حَيْوَة: أَنْ النبي صلى الله عليه وسلم قطع رجلاً من المَفْصِل. وهو حديثٌ مرسلٌ. ورُوِيَ أَيضاً عن عمر وعليّ أَنهما قطعا من المَفْصِل.

(وَتُحْسَمُ) أَي تُكْوَى لينقطع الدَّم بأَن تغمس في الدهن الذي أُغْلِيَ لِمَا روى الحاكم في «المستدرك» من حديث أَبي هُرَيْرَة، وقال: صحيحٌ على شرط البخاري ومسلم: أَنْ النبي صلى الله عليه وسلم أُتِي بسارقٍ سرق شَمْلَة (٢) فقال عليه الصلاة والسلام: «مَا إِخالُهُ سرق». فقال السارق: بلى يا رسول الله فقال: «اذهبوا به فاقطعوه، ثم احْسِمُوه، ثم ائْتُوْنِي به». فقُطِعَ ثم (حُسِمَ ثم) (٣) أُتِيَ به فقال: «تب إِلى الله». قال: تبت إلى الله. قال: «تاب الله عليك». (ثُمَّ) تقطع (رِجْلُهُ اليُسْرَى إِنْ عَادَ) ثانياً بالإِجْماع، وهو من الكعب. وقال أَبو ثور والرافضة: من نصف القدم من معقِدِ الشِّرَاك.

(فَإِنْ عَادَ) وسرق (ثَالِثَاً لا) أَي لا يقطع (بَلْ يُسْجَنُ حَتّى يَتُوْبَ) وقال مالك والشافعيّ: إِنْ سرق ثالثاً تقطع يده اليسرى، وإِن سرق رابعاً تقطع رجله اليمنى لعموم الآية، فإِن هذا سارقٌ له يد فتقطع بظاهر النص، وتعيين اليمين ابتداءً لا يُبْطل محلية اليسرى، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إِذا سرق السارق فاقطعوا يده، فإِن عاد فاقطعوا رجله، فإِن عاد فاقطعوا يده، فإِن عاد فاقطعوا رجله». رواه الدَّارَقُطْنِيّ في «سننه»، وفي سنده الواقدي وفيه مقالٌ.

وفي «سنن أَبي داود» عن جابر قال: جيء بسا سرق، قال: «اقطعوه». قال: فقُطِعَ، ثم جيء به الثالثة فقال: «اقتلوه». فقالوا: يا رسول الله، إِنما سرق، قال: «اقطعوه». ثم جيء به الرابعة فقال: «اقتلوه». قالوا: يا رسول الله، إِنما سرق. قال: «اقطعوه». ثم جيء به الخامسة فقال: «اقتلوه» ارقٍ إِلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اقتلوه». فقالوا: يا رسول الله، إِنما سرق. فقال: «اقطعوه»، قال: فقُطِعَ، ثم جيء به الثانية فقال: «اقتلوه» فقالوا: يا رسول الله، إِنم. قال جابر: فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فأَلقيناه في بئرٍ،


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) الشَّمْلَة: كِساء من صوف أَو شعر يتغطّى به ويتلفَّف به. المعجم الوسيط ص ٤٩٥، مادة (شمل).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>