للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقُدِّمَ فُقَرَاءُ ذَوِي القُرْبَى، وَلا شَيءَ لِغَنِيِّهم

===

شيء، لأنّ الكلّ له. ثم جعل سهم الله وسهم الرَّسول واحداً، ولذي القُرْبى سهماً، فجعل هذين السهمين قوة في الخيل والسلاح، وجعل سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل لا يعطيه لغيرهم، وجعل الأربعة أسهم الباقية: للفرس سهمين، ولراكبه سهماً، وللراجل سهماً.

ولما رواه الطَّبَرانِيّ: فلما قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلّم، جعل أبو بكر وعمر هذين السهمين سهم الله والرسول، وسهم قرابته في سبيل الله صدقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولِمَا روى أبو يوسف عن الكَلْبِيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس: أنّ الخمس الذي كان يقسم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة أسهم: لله وللرسول سهمٌ، ولذي القُرْبى سهمٌ، ولليتامى سهمٌ، وللمساكين سهمٌ، ولابن السبيل سهمٌ. ثم قسمه أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ على ثلاثة أسهم: سهمٌ لليتامى، وسهمٌ للمساكين، وسهمٌ لابن السبيل.

(وَقُدِّمَ فُقَرَاءُ ذِوِي القُرْبَى) من هذه الطوائف الثلاث على غيرهم (وَلَا شَيءَ لِغَنِّيهم) أي غني ذوي القُرْبى، لأنّ عمر أعطى الفقراء منهم.

وقال الطَّحَاوِي: سهم الفقير ساقطٌ أيضاً لِمَا قدّمنا. والأوَّل اختيار الكَّرْخي، وهو الأصحّ لأنّ الدليل إنّما دلّ على سقوط حقّ أغنيائهم، أمّا فقراؤهم فيدخلون في الأصناف الثلاثة، وسقط سهم النبي صلى الله عليه وسلم بموته كالصَّفِيّ، لأنه كان يستحقّ برسالته لا بالقيام بأمور أمته، ولهذا لم يرفع الخلفاء الراشدون بعده هذا لأنفسهم. والصَّفِيُّ: شيء نفيس كان يصطفيه لنفسه من الغنيمة كدِرْعٍ أو سيفٍ أو فرسٍ أو أَمةٍ، كما رُوِيَ أنه اصطفى صفيّة من غنائم خَيْبَر.

وقال الشافعي: يقسم الخمس على خمسة أَسهمٍ: سهمٌ للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وبعد وفاته يصرفه الإمام في مصالح الدين على ما يرى، وبه قال أحمد. وعن الشَّافعي: أن سهم النبي صلى الله عليه وسلم بعده يُردّ على بقية الأصناف. وحكى ابن المنذر عنه: أنه يكون للخليفة. وسهمٌ لذوي القربى يستوي فيهم غنيّهم وفقيرهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وقال المُزَني والثَّوْرِي: يستوي فيه الذكر والأنثى، ويكون لبني هاشم وبني المطلب فقط دون (بني) (١) عبد شمس. والباقي للفرق الثلاث. وقد تقدّم أن الخلفاء الراشدين (قسموا) (٢) على ثلاثة نحو ما قلنا بمحضرٍ من الصحابة، فكان إجماعاً.


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>