وقال أبو يوسف: حتّى يموت، وقال مالك والشافعي وأحمد: إن كان الغالب القتل يجب القَوَد، وإن كان الغالب عدمه، فعن الشافعي قولان: أحدهما يجب القَوَد، والآخر لا يجب، ولكن يجب الدية، وبه قال أحمد، وقياس قول مالك: يجب القود.
(وَإِنْ اجْتَمَعَ الرَّاكبُ وَالنَّاخِسُ) أي الطَّاعن بعودٍ أو نحوه (ضَمِنَ هُوَ) أي النَّاخس إذا نخس بغير إذن الرَّاكب (حتّى النَّفْحَة) أي ما حصل بنفحة الدَّابة برجلها، وكذا ما ضربته بيدها (أو ما صدمته بنفرتها)(١) . والواقف في ملكه، والذي يسير سواء في ذلك. وعن أبي يوسف: يجب الضمان على النَّاخس والرَّاكب نصفين، لأن التلف حصل بسبب ثقل الرَّاكب ووطء الدَّابة، والثاني مضافٌ إلى النَّاخس.
ولنا: ما روى عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» عن مَعْمَر، عن عبد الرحمن المَسْعُودِي، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: أقبل رجلٌ بجاريةٍ من القادسيَّة فمرّ على رجلٍ واقفٍ على دابة، فنخس رجلٌ الدابة، فرفعت رجلها فلم تحط عين الجارية، فرفع إلى سليمان بن ربيعة الباهليّ، فضمَّن الرّاكب، فبلغ ذلك ابن مسعود فقال: عليّ بالرجل، إنما يضمن النَّاخس.
وأخرج ابن أبي شَيْبَة نحوه عن شُرَيْح والشَّعْبِيّ، ولأن الرّاكب والدَّابة مدفوعان بفعل النَّاخس، فأُضَيفَ فعل الدَّابة إليه كأنه فعله بيده، ولأن الناخس متعدَ بفعله حيث نخس بغير إذن الرَّاكب، والرَّاكب غير متعدَ في فعله، فيترجَّح جانب النَّاخس للتعدّي، حتّى لو كان الرَّاكب واقفاً بدابته في الطريق كان الضمان عليه وعلى الناخس نصفين، لأنه متعدَ بوقوفها. ولو نفحت الدَّابة الناخس كان دمه هَدْراً، لأنه بمنزلة الجاني على نفسه.
ولو ألقت الرَّاكبَ فقتلته كانت ديته على عاقلة النَّاخس، لأنه متعدَ في تسبّبه، وفيه الدِّية على العاقلة. ولو نخسها بإذن راكبها فلا ضمان عليه، لأن ذلك بمنزلةٍ نخس الراكب، ولو كان النَّاخس عبداً فالضمان في رقبته، ولو كان صبياً فهو كالرَّجل، لأنه يؤاخذ بأفعاله كالبالغ.
ولو نخس الدَّابة شيءٌ منصوبٌ في الطريق فنفحت إنساناً فقتلته، فالضمان على من نصب ذلك الشيء، لأنه متعدّ بشَغْل الطريق فأُضِيفَ إليه كأنّه نخسها بيده.