للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرَّاكِبُ وَالقَائِدُ كالسَّائِقِ. وعَلَى دَابَّةٍ بَيْنَ قَرْيَتَيِنْ، عَلَى أهْل أقْرَبِهِمَا. وفي دَارِ رَجُلٍ عَلَيْهِ

القَسَامَةُ. وَتَدِي عَاقِلَتُهُ إنْ ثَبَتَ أنّهَا لَهُ بالحُجَّةِ. وَتَدِي وَرَثَتُهُ إنْ وُجِدَ في دَارِ نَفْسِهِ.

===

السائق، فصار كما لو وُجِدَ في داره.

(والرَّاكِبُ وَالقَائِدُ كالسَّائِقِ) في وجوب ضمان عاقلته الدِّية، لا أهل المحلة، فإن اجتمعوا فعلى عاقلتهم، لأن القتيل في أيديهم، فصار كما لو وُجِدَ في دارهم. إلاّ أن في الدَّابة لا يُشْتَرَط أن يكونوا مالكين لها، وفي الدار يشترط ذلك. ولو لم يكن مع الدَّابة أحدٌ، فالدِّية والقَسَامة على أهل المحلّة التي وُجِدَ فيها القتيل على الدابة، لأنّ وجوده على الدَّابة كوجوده في الموضع الذي فيه الدابة.

(و) في قتيلٍ وُجِدَ (عَلَى دَابَّةٍ) أو غيرها (بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ) أو قبيلتين تجب القَسَامة والدِّية (عَلَى أهْل أقْرَبِهِمَا) لما روى أبو داود الطيالسي وإسحاق بن رَاهُويَه والبزّار في «مسانيدهم»، والبيهقي في «سننه»، عن أبي سعيد الخُدْرِيّ: أن قتيلاً وُجِدَ بين حَيَّيْن فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُقَاس إلى أيهما أقرب، فوُجِدَ أقرب إلى أحد الحيين بشبرٍ. قال الخُدْرِيّ: كأني أنظر إلى شبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألقى ديته عليهم.

وروى ابن أبي شَيْبَة في «مصنفه» عن وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث بن الأزمع قال: وُجِدَ قتيلٌ باليمن بين وَادِعَة وأرْحَب، فكتب عامل عمر بن الخطاب إليه، فكتب إليه عمر: أنْ قِسْ ما بين الحيَّيْن، وإلى أيهما أقرب فخذهم به. قال: فقاسوه فوجدوه أقرب إلى وادعة، فأخذنا وأغرمنا وأحلفنا، فقلنا: يا أمير المؤمنين، أَتُحَلِّفنا وتُغَرِّمُنا؟ قال: نعم. فأَحْلَف خمسين رجلاً: بالله ما قتلتهُ ولا علمتَ قاتلاً له.

(وفي) قتيلٍ وُجِدَ في (دَارِ رَجُلٍ عَلَيْهِ القَسَامَةُ) فتُكَرَّر الأيْمان عليه، لأن الدَّار في يده وحفظها إليه (وَتَدِي) أي يُعْطِي الدِّية (عَاقِلَتُهُ) لأن نصرته منهم وقوَّته بهم. وقال مالك: لا قَسَامة ولا غرامة في قتيلٍ وُجِدَ في دار قومٍ. وقال الشافعي: يكون مع اللَّوَث (١) . وفي «شرح الأقطع»: صاحب الدَّار مع أهل المحلّة، كأهل المحلّة مع أهل المِصْر، ولا يدخل أهل المصر مع أهل المحلّة.

(إنْ ثَبَتَ أنّهَا) أي الدَّار (لَهُ) أي للرجل (بالحُجَّةِ) أي بشهادة الشهود، لأن اليد دليل ظاهر، والظاهر حجَّة للدفع لا للاستحقاق، ونحن محتاجون هنا للاستحقاف، فلا بدّ من إقامة البيّنة على الملك إذا كذّب العواقل أنها ملك ذي اليد، وقالوا: إنها وديعة عنده. (وَتَدِي) عاقلة (وَرَثَته) لورثته (إنْ وُجِدَ) قتيل (في دَارِ نَفْسِهِ) عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف (ومحمد) (٢) وزُفَر ومالك والشّافعيّ: لا شيء فيه.


(١) سبق شرحها عند الشارح ص ٣٨٧، التعليقة رقم (٢).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>