على مالكها (لَا عِمَارَةَ بِقُرْبِهَا) أمّا لو كان بقربها عِمارةٌ تكون القسامة على أهلها. وحدُّ القُرْب سماع الصوت. (أوْ مَاءٍ) أي أو وُجِدَ في ماءٍ (يَمُرُّ بِهِ) أي بالقتيل، بأن وُجِدَ في نهرٍ عظيمٍ يجري فيه الماء (هَدَرٌ) أي لا شيء فيه، لأنه ليس في يد أحدٍ ولا في ملكه، بخلاف النهر الصغير، فإن ضمان القتيل على أصحابه لقيام يدهم عليه. ولو وُجِدَ قتيلٌ في أرضٍ موقوفةٍ، أو في دارٍ موقوفةٍ على أربابٍ معلومةٍ، فالقسامة والدية على أربابها، لأن تدبيرها إليهم. وإن كانت موقوفةً على مسجدٍ، فهو كما لو وُجِدَ في المسجد، وحكمه قد تقدّم، والله تعالى أعلم.
(وَمُسْتَحْلَفٌ) بفتح اللام مبتدأ، أي من يُطْلَب منه الحَلِف (قَالَ: قَتَلَهُ زَيْدٌ) صفته، والخبر (حَلَفَ باللَّهِ مَا قَتَلْتُهُ وَلَا عَرَفْتُ لَهُ قَاتِلاً غَيْرَ زَيْدٍ) لأنه لمّا أقرّ بالقتل على زيدٍ، صار زيدٌ مستثنى عن اليمين، فبقي حكم من سِوَاه فيحلف عليه، وهذا قول محمد. وقال أبي يوسف: يحلف ما قتلت فقط، لأنه عرف القاتل واعترف به. ولمحمدٍ: أنه يحتمل أن له قاتلاً آخر معه، أو يكون في إقراره كاذباً (وَبَطَلَت شَهَادَةُ بَعْضِ أهْلِ المَحَلَّةِ بِقَتْلِ غَيْرِهِمْ) متعلّق بشهادة. وصورة المسألة: وُجِدَ قتيلٌ في محلّة، وادّعى الوليُّ قتله على غيرهم، فشهد اثنان من أهل المحلّة، لم تُقبل شهادتهما عند أبي حنيفة، وتُقبل عندهما.
والكلام فيه يرجع إلى أصلٍ متَّفقٍ عليه، وهو أن كل من انتصب خصماً في حادثةٍ، ثم خرج من أن يكون خصماً، لا تُقبل شهادته. وأن كلّ من كان له عَرَضِيَّة أن يصير خصماً، ثم بطلت هذه العَرَضِيَّة، فشهد في تلك الحادثة تقبل شهادته فيها. فهما قالا: الثابت في أهل المحلّة عرضيّة أن يصيروا خصماً لو ادّعى الوليّ عليهم، وقد بطلت هذه العرضيّة بالدّعوى على غيرهم فتقبل شهادتهم، كالوكيل بالخصومة إذا عزله قبل أن يخاصم وشهد في تلك الحادثة. ولأبي حنيفة: أن أهل المحلّة صاروا خصماً في هذه الحادثة لوجود القتيل بين أظهرهم، ومن صار خصماً في حادثة لا تُقْبل شهادته فيها وإن خرج عن الخصومة، كالوكيل إذا خاصم في مجلس الحكم، ثم عُزِلَ فشهد.
(أَوْ وَاحِدٍ) بالجر عطفٌ على غيرهم، أي وبطل شهادة بعض أهل المحلّة بقتل