للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُم يُثْنِي ولا يُوَجِّهُ،

===

(ثُمَّ يُثْنِي) أي بعد التحريمة يأتي بالثناء إماماً كان أو مقتدياً أو منفرداً لقوله تعالى: {وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُوم} (١) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم «إذا قُمْتُم إلى الصلاة فارفعوا أيديكم، ولا تخالف آذانكم، ثم قولوا: الله أكبر، سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك (٢) ، ولا إله غيرك، وإنْ لم تزيدوا على التكبير أجزأكم». رواه الطَبَرانِيّ.

ورواه الدَّارَقُطْني في «سننه» بإسنادٍ رجالهُ ثقاتٌ عن أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبّر، ثم رفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه شحمتي أذنيه»، ثم قال: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك». وتقول عائشة: «كان صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم … » إلخ. ورواه الجماعة. وقال مالك: إذا كبّر شرع في القراءة، ولا يشتغل بالثناء والتعوذ والتسمية، لما ورد: «أنه صلى الله عليه وسلم كان يستفتح الصلاة بالحمد لله رب العالمين».

ومن أدرك الإمام في الركوع: يكبّر للافتتاح، ويترك الثناء ويكبِّر ويركع، لئلا تفوته الركعة. أو في السجود أو القعود: يكبر للافتتاح ويأتي بالثناء. أو بعد ما اشتغل بالقراءة: قيل: لا يأتي به بل يستمع، وقيل: يأتي في حال سكتاته. وينبغي أنْ يأتي به في السرية، ويترك في الجهرية. وفي معنى السرية: إذا لم يسمع صوت الإمام في الجهرية. وأمّا قوله: «وجَلّ ثناؤك» فلم يُذْكَر في المشاهير فلا يأتي به في الفرائض. (ولا يُوَجِّهُ) أي لا يقول: وجّهت وجهي، إلى آخرِهِ وحدَه، كما اختاره الشافعي ولا يَجْمَعُ بينهما كما قال أبو يوسف، واختاره الطحاوِيُّ، إلاَّ أنه قال: المصلّي بالخيار إنْ شاء قال التوجيه بعد الثناء وإن شاء قاله قبل الثناء، وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف. والثانية أقوى لحديث ورد به، ولموافقة المذهب ثم مراعاة غيره.

والأظهر أنْ يأتي بالتسبيح تارةً، وبالتوجيه أخرى، لعدم ورود الجمع بينهما ثم الأولى أنْ يخص الأول بالفرائض، والثاني بالنوافل جمعاً بين الأدلة واختيارات الأئمة.

ويؤيده ما رواه النّسائي من أنه صلى الله عليه وسلم «كان إذا قام يصلّي تطوّعاً قال: الله أكبر، وجّهت وجهي» فيكون مفسّراً لِمَا في غيره من الأحاديث المطلقة.

هذا وقد روى مسلم من حديث عليّ رضي الله عنه: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان


(١) سورة الطور، الآية: (٤٨).
(٢) أي علا جلالك وعظمتك. النهاية ١/ ٤٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>