للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيقُولُه المَسْبُوقُ، ويُؤخِّرُهُ عَنْ تَكْبِيراتِ العِيدَيْنِ، ويُسَمِّي

===

يوسف أصح. وفيه: أنه مخالف لظاهر القرآن فلا ينبغي أنْ يكون صحيحاً فكيف بالأصح.

(فَيَقُولُه المسْبُوقُ) عندهما: إذا قام إلى قضاء ما فاته، لأنه يقرأ حينئذٍ. وعند أبي يوسف: لا يقوله لأنه لا يأتي بالثناء حينئذٍ (ويُؤَخِّرُهُ) الإمام عندهما (عَنْ تَكْبِيراتِ العِيدَيْنِ) لتأخير القراءة عنها، وعند أبي يوسف: يقدمه عليها لتقدم الثناء عليها. (ويُسَمِّي) أول الصلاة فقط في رواية عن أبي حنيفة، لأنها شُرِعَت مفتاحاً للقراءة كالتعوذ، ولقول ابن عباس: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم»، رواه الترمذيّ. وفي رواية أخرى: ـ وهي قولهما ـ «أول كل ركعة». لأنَّ التسمية لافتتاح القراءة وكل ركعة أصل في القراءة، فتبتدأ بالبسملة.

وفي «المحيط»: قيل: التسمية ـ أي في أوائل السورة ـ ليست عندنا من القرآن، لاختلاف العلماء والأخبار فيها، يعني المُستَلْزِمِ عدمَ تواترها. وإنما يُسْتَفْتَح في أوائل السورة تبرّكاً، وقد اختلف الصدر الأول فيها اختلافاً ظاهراً. والقرآن لا يثبت إلاَّ بالإجماع، حتى ادعى أبو بَكْرٍ البَاقِلاني وغيره، خطأ الشافعي في جعله البسملة من القرآن، معتمدين على أنه لا يجوز إثباته إلا بالتواتر، ولا تواتر ههنا، فيجب القطع بنفي كونها منه، وهو وجه رواية النفي، وبه قال مالك وطائفة من الحنفية وبعض أصحاب أحمد مدَّعين أنه مذهبه، أو رواية عنه.

قلت: ينبغي أنّ لا يُقْطَع بكونها من القرآن، ولا بنفيها منه كما لا يخفى، إذ لا دليل (قطعي) (١) على أحد الشقَّين. وأما قول الشافعيّ: مذهب ابن كَثِير وعَاصَمٍ والكِسَائيّ من القرّاء ووافقهم حَمْزَة في أنها من الفاتحة خاصة. ولم يعتقدها الباقون من الفاتحة ولا غيرها، وقالُون منهم ففيه بحث، إذ الموجود في كتب القِرَاءَة أنَّ القرَّاء كلهم يبتدؤن الفاتحة بالبسملة، واختُلِف فيما بين السورتين. وليس في كتبهم تعرض باعتقادهم أنهم يَعُدُّونها من القرآن أم لا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وروى الجَصَّاص عن محمد: أنها آية من القرآن أُنْزِلَت للفصل بين السور، وليست من الفاتحة، ولا من كل سورة. وهذا القول أعدَل وأصح، ولهذا كُتِبَت بخط الوحي (٢) ، أي ما ثبت أنه وحي، ليدل على كونها من القرآن، وكُتِبَت بخط على حدة ـ


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.
(٢) أي في سورة النمل، الآية (٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>