للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَبْلَ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ يُكَبِّرُ رَافعًا يَدَيْهِ، ثُمَّ يَقْنُتُ فِيهِ

===

عامر، ولفظه: «إن الله زادَكم صلاة، هي لكم خير من حُمْرِ النَّعَمِ: الوتر، وهي لكم فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر».

وروى الدَّارَقُطْنِي، عن ابن عباس: «خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَبْشِراً فقال: إن الله زادكم صلاة وهي الوتر». وزاد عن ابن عمر قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحْمَرّاً وجهُهُ يجر رداءه، فصعد المنبر فحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيُّها الناس، إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم: وهي الوتر». وقوله صلى الله عليه وسلم «الوتر حق واجب، فمن أحبَّ أن يُوتِرَ بخمس فليوتر، ومن أحبَّ أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحبَّ أن يوتر بواحدة فليوتر». رواه أبو داود وابن ماجه والنَّسائي. والحديث في الجملة يدل على وجوب الوتر، فلا ينافيه انعقاد الإجماع على عدم وجوب الخمس. وتجويزُ بعضٍ الإيتارَ بواحدة. وفي رواية لأبي داود: «الوتر حقٌّ، فمن لم يوتر فليس منّا».

وأمَّا ما أخرجه الحاكم، والبيهقي بسند صحيح: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير لكم من حُمْر النَّعَم، ألا وهي الركعات قبل صلاة الفجر». فالمراد بها الوتر لقوله عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وِتْراً» (١) لا كما توهمه بعض أئمتنا من حملها على سنة الفجر.

(وقَبْلَ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ يُكَبِّرُ) أي استحباباً (رَافِعَاً يَدَيْهِ) أي حِذَاء أذنيه، لأن الحالة قد اختلفت (ثُمَّ يَقْنُتُ فِيهِ) أي في الوتر وجوباً. لِمَا روى الدَّارَقُطْنِيّ عن سُوَيْد بن غَفَلة قال: «سمعت أبا بكر وعمر وعليّاً ـ رَضِيَ الله عنهم ـ يقولون: قَنَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الوتر، وكانوا يفعلون ذلك». والمواظبة دليل الوجوب، إلاَّ أنْ يقوم دليل على عدمه. وقال بعض المحققين: ولم نقف بعد على دليل نقلي في رفع اليدين والتكبير، ولا على ما يقتضي وجوب القنوت.

وأما (قول صاحب «الهداية»: لقوله عليه الصلاة والسلام للحسن حين علمه دعاء القنوت: (٢) «اجعل هذا في وترك». فلم يوجد فيه لفظ الأمر. وعلى تقدير وجوده لا يدل على الوجوب، لعدم بلوغ الحسن حينئذٍ، فإذا لم يجب على المأمور، لا يجب على غيره. وكذا قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تُرفع الأيدي إلا في سبع مواطن» لم


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٢/ ٤٨٨، كتاب الوتر (١٤)، باب ليجعل آخر صلاته … (٤)، رقم (٩٩٨).
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>