للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأجل حفظى كتابَ: "وِقاية الرِّوَاية في مسائِلِ الهداية"، وهو كتابٌ لم تَكْتَحِلْ عينُ الزمان بثانيه، في وجَازَةِ ألفاظه، مع كثرة معانيه.

لكن قَصَرَتْ هِمَّةُ أكثر أهل الزمَان عن حفظه، فاتَّخَذْتُ منه هذا "المختصر"، مشتملًا على ما لا بُدَّ منه، فمَن أَحَبَّ استحضارَ مسائل "الهِدَاية"، فعليه بحفظ "الوِقاية"، ومَن أَعْجَلَهُ الوقتُ، فليصرفْ إِلى حفظ هذا المختصر

===

وقد وَرَد: «من أتى إليكُم بمعروفٍ فكافِئُوه، فإنْ لم تجدوا فادْعُوا له» (١)

وفي حديثٍ آخر: «من صُنِعَ إليه معروفٌ فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء» (٢)، أي فكافأه في الجزاء في مقام الدُّعاء (لأجل حفظي) عِلْمَ الفِقْه. متعلِّقٌ بـ: أَلَّفَ (كتاب «وقاية الرواية») مفعول ألَّفَ. والوِقاية بالكسر، وتُثَلَّث: ما وَقَيْتَ به شيئاً وحفظتَهُ بالرعاية (في مسائل الهداية) وهي «شرح البداية» للإِمام بُرهان الدين المَرْغِينَاني.

(وهو) أي: كتابُ «وِقايةِ الرواية»، أو «وقايةُ الرواية»، وتذكيرُهُ لأنه مصدر، أَوْ لتذكير خبرِهِ وهو (كتابٌ لم تَكْتَحِل عينُ الزمان بثانيه) أي لم يُوجَدْ له نظير (في وجَازة ألفاظه) بكسر الواو أي قِلَّةِ مَبَانِيه (مع كثرة معانيه) أي فكان الواجبُ على كلِّ أحدٍ أن يُقبِلَ عليه، ويَقْبَلَ ما يُنْسَبُ إليه.

(لكن قَصَرت) أي بَعُدَت أو خلت (هِمَّةُ أكثر أَهل الزمان) من جملة الإِخوان (عن حفظه) مع أنه في غاية من الإِتقان (فاتخذتُ منه هذا المختصرَ) وكان الأولى أن يقول: فاتخَذْتُ هذا المختَصَر عنه ليكونُ مُسَجَّعاً مع قوله (مشتملاً على ما لا بُدَّ منه) أي لا مَنْدُوحَة عنه، ولا استغناءَ منه، حالٌ مقدَّرة كقوله سبحانه: {فادخُلُوها خالدين} (٣). ويحتمل أن يكون مفعولاً ثانياً نحو قوله تعالى: {اتخَذُوا أيمانَهم جُنَّةً} (٤). وفي بعض النسخ: مشتملاً على مسائِلَ لا مندوحَةَ عن حفظها.

(فمن أحب) وفي نسخة: أراد (استحضارَ مسائل الهداية) ضبطاً. وفي نسخة: أحبَّ ضَبْطَ مسائِلِ الهداية (فعليه بحفظ «الوقاية») ربطاً، (ومَنْ أعجله الوقتُ) أي لم يَسَعْهُ حِفْظُه في مقام الرعاية (فليصرف إِلى حفظ هذا المختصر) المسمى بالنُّقاية


(١) أخرجه أَبو داود في سننه ٢/ ٣١٠، كتاب الزكاة (٩)، باب عطية من سأل بالله (٣٨)، رقم (١٦٧٢). والنسائي في سننه ٥/ ٨٧، كتاب الزكاة (٢٣)، باب من سأل بالله عزّ وجلّ (٧٣)، رقم (٢٥٦٦). ومسند الإمام أحمد ٢/ ٦٨، ٩٩، ١٢٧.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه ٤/ ٣٣٣، كتاب البر والصلة (٥ ٢)، باب ما جاء في المتشبِّع بما لم يُعطه (٨٧)، رقم (٢٠٣٥).
(٣) سورة الزمر، آية: (٧٣).
(٤) سورة المجادلة، آية: (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>