للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُدِبَ يَوْمَ الفِطْرِ: أنْ يَأْكُلَ، ويَسْتَاكَ، ويَغْتَسِلَ، ويَتَطَيَّبَ، ويَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ،

===

هُدَىً، وتَرْكها ضلالة، لمواظبة النبيّ صلى الله عليه وسلم من غير ترك.

وقال أحمد: فرض كفاية، وهو رواية عن أبي حنيفة. وقيل: صلاة العيد سنّة، لقول محمد في «الجامع الصغير»: عيدان اجتمعا في يوم واحد: الأول سنَّةٌ، والثاني فريضة، ولا يُتْرَكُ واحدٌ منهما. ولقوله عليه الصلاة والسلام للأعرابي حين قال له: «هل عليَّ غيرها؟ قال: لا، إلاَّ أنْ تَطوَّعَ». وأُجِيبَ عن الأول: بأن محمداً سمّاها سنّة، لأن وجوبها ثبت بالسُّنَّة. وعن الثاني: بأن الأعرابي من أهل البادية، وهي لا تجب عليهم. ومما يدل على الوجوب قوله عزَّ وجلَّ: {ولِتُكَبِّروا اللَّهَ عَلَى ما هَدَاكُمْ} (١) ، فقد فُسِّرَ بصلاة العيد. وقد تواترت (٢) عنه صلى الله عليه وسلم مواظبته لصلاة العيد.

(نُدِبَ يَوْمَ) عيد (الفِطْرِ أنْ يَأْكُلَ) أي يَطْعَمَ الإِنسان شيئاً حلواً قبل الغُدُوِّ إلى المُصَلَّى، لِمَا روى البخاري عن أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَغْدُو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً».

وفي الترمذي، وابن ماجه: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل، وكان لا يأكل يوم النَّحْرِ حتى يُصَلِّي». ولفظ ابن ماجه: «حتى يرجع». ورواه أحمد، والدَّارَقُطْنِيّ في «سننه» وزاد: «حتى يرجع فيأكل من أضْحِيَتِهِ».

وعن بُرَيْدَة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفِطْر حتى يَطْعَمَ، ولا يَطْعَمُ يوم الأَضْحَى حتى يصلّي». قال النووي: حديث حسن رواه الترمذي، وابن ماجه، والدَّارقطنيّ، والحاكم بأسانيد صحيحة.

(ويَسْتَاكَ) أي ويُبَالِغ في الاستياك (ويَغْتَسِلَ) لِمَا روى ابن ماجه مِنْ حديث الفَاكِه بن سَعْد: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفِطْر، ويوم النَّحْرِ، ويوم عَرَفة». (ويَتَطَيَّبَ) لأنه يوم اجتماع، فَيُنْدَبُ فيه ذلك كالجمعة.

(ويَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ) لِمَا رواه ابن ماجه من حديث ابن عباس: «أنه كان صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ في العيدين بُرْدَةً حِبَرَةً». رواه ابن خُزَيْمَة، والبيهقي في «سننه» من طريق الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد الأَسْلَمِيّ: أخبرني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَلْبَسُ بُرْدَةً حِبَرَةً في كل عيد». والحِبَرَةُ كعِنَبَةُ: نوع من بُرُود اليمن. قال النووي وغيره: إسناده ضعيف. وأخرجه في «المعرفة» عن الحَجَّاح بن أرْطَاة، عن


(١) سورة البقرة، الآية: (١٨٥).
(٢) في المطبوع: توارث، والمثبت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>