للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَشْيُ خَلْفَهَا أَحَبُّ

===

بن رَاهُويه، وأبو يَعْلَى في مسانيدهم. وقد روى ابن ماجه: «الجِنَازة متبوعة، وليست بتابعة، ليس معها من تقدَّمها».

(والمَشْيُ خَلْفَهَا أَحَبُّ) وهو مذهب الأَوْزَاعِيّ. وقال الثَّوْرِيّ وطائفة: هما سواء. وقال مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل: قُدَّامها أفضل.

لنا ما قدمنا، وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تَتْبَع الجِنَازَة بصوت، ولا نار، ولا تمشِ بين يديها». رواه أبو داود، وأحمد، وذكره الدَّارَقُطْنِيّ وعلّله بما فيه من الاختلاف. وقول أبي أُمَامَة: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى خلف جِنَازة ابنه إبراهيم حافياً». رواه الحاكم، وسكت عنه. وما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من صلّى على جِنَازة، فله قِيرَاط (١) ، ومن تبعها حتى توضع في القبر، فله قيراطان».

وروى عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» عن مَعْمَر عن ابن طاوس، عن أبيه قال: «ما مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ حتى مات ـ إلا خلف الجِنَازة». وروى أيضاً هو، وابن أبي شَيْبَة، عن عبد الرحمن بن أبْزَى قال: «كنت في جِنَازة وأبو بكر وعمر يمشيان أمامها، وعليّ يمشي خلفها.

فقلت لعليّ: أراك تمشي خلف الجِنَازَة، وهذان يمشيان أمامها. قال عليّ: لقد علمنا أنّ فضل المشيُ خلفها على المشي أمامها كفضل صلاة الجماعة على الفَذِّ لكنهما أحَبَّا أن يُيَسِّرا على الناس».

وعن أبي أُمَامَة قال: «سأل أبو سعيد الخُدْرِيّ عليّ بن أبي طالب: المشيُ خلف الجنازة أفضل، أم أمامها؟ فقال عليّ: والذي بعث محمداً بالحق، إن فضل الماشي أمامها كفضل المكتوبة على التطوع. فقال له أبو سعيد: أَبِرأيك تقول، أم بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب، فقال: لا والله، بل سمعته غير مرة ولا اثنين ولا ثلاثة حتى عدَّ سبعاً. فقال أبو سعيد، إني رأيت أبا بكر وعمر يمشيان أمامها، فقال عليّ: يغفر الله لهما، لقد سمعا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سمعته. إنهما والله لخير هذه الأمّة، ولكنهما كَرِهَا أن يجتمع الناس، ويتضايقوا، فأحبَّا أن يُسَهِّلا على الناس».


(١) القيراط: جزء من أجزاء الدينار، وهو نصف عُشْره في أكثر البلاد. النهاية: ٤/ ٤٢. والمقصود هنا قيراط من الأَجر. ويوضح مقدار هذا القيراط من الأجر قوله - صلى الله عليه وسلم - عندما سُئِل: وما القيراط؟ قال: "مِثْلُ أُحُد. وفي رواية سُئلَ: وما القيراطان؟ قال: "مثل الجَبَلَيْن العظيمين". صحيح مسلم ٢/ ٦٥٢ - ٦٥٣، كتاب الجنائز (١١)، باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها (١٧)، رقم (٥٤ - ٩٤٥) و (٥٢ - ٩٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>