للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُدْخَل فِيهِ مِمَّا يَلِي القِبْلَة،

===

الأرض الرخوةِ لِمَا في السنن الأربع، عن عبد الأَعْلَى، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللحد لنا ـ أي معشر أهل المدينة ونحوهم ـ والشَّقُّ لغيرنا» أي لأهل مكة وأمثالهم. قال الترمذي: غريب من هذا الوجه، وعبد الأَعْلَى فيه مقال بالاضطراب. وعن جَرِير بن عبد الله البَجَلِيّ مرفوعاً نحوه سواء. رواه أحمد، وابن ماجه، وابن أبي شَيْبَة وغيرهم. وفي رواية لابن ماجه: «احْفِرُوا، ووسِّعُوا، وأَحْسِنُوا».

واخْتَلَفُوا في عُمْقِهِ. فقيل: قدر نصف القامة. وقيل: إلى الصَّدْرِ، وإن زادوا فحسن. ولِمَا رَوَى ابن ماجه من حديث أنس بن مالك قال: «لمَّا تُوُفِّي النبيّ صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة رجل يَلْحَدُ والآخر يَضَرَح. فقالوا: نستخير ربنا، ونبعث إليهما، فأيُّهما سبق تركناه. فأُرْسِل إليهما، فسبق صاحب اللَّحْد، فلحدوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم. ومن حديث عائشة رَضِيَ الله عنها: «لمَّا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في اللحد والشَّقِّ حتى تكلموا في ذلك وارتفعت أصواتهم. فقال عمر: لا تَصِيحوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيّاً ولا ميتاً، أو كلمة نحوها. فأرسلوا إلى الشَّاقِّ واللاَّحد، فجاء اللاَّحد، فلَحَد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دُفِنَ».

ومن حديث ابن عبَّاس قال: «لَمَّا أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وكان أبو عُبَيْدَة بن الجراح يَضْرَح: أي يشق ـ كحفر أهل مكة، وكان أبو طلحة وزيد بن سهل يحفر لأهل المدينة، وكان يَلْحَدُ، فدعا العباس رجلين. فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عُبَيْدة، وللآخر: اذهب إلى أبي طَلْحة. اللهم خِرْ لرسولك. فوجد صاحب أبي طَلْحَة أبا طلحة. فجاء به، فَلَحَدَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

«فَلَمَّا فُرِغَ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء، وُضِعَ على سريره. وقد كان المسلمون اختلفوا في موضع دفنه. فقال قائل: ندفنه في مسجده. وقال قائل: ندفنه مع أصحابه. فقال أبو بكر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما قُبِض نبي إلاَّ دُفِنَ حيث قُبِضَ». فرُفِعَ فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تُوُفِّيَ فيه، فَحُفِرَ تحته، ثم دُعِيَ الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصلُّون عليه أرسالاً: الرجال حتى إذا فُرِغَ منهم، أُدْخِلَ النساء، حتى إذا فُرِغَ من النساء، أُدْخِلَ الصّبيان. ولم يَؤُمَّ الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدٌ. فدُفِن صلى الله عليه وسلم من وسط الليل ليلة الأربعاء. ونزل في حفرته عليّ بن أبي طالب، والفضل بن العباس، وقُثَم أخوه، وشُقْرَان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(ويُدْخَلُ) الميت (فِيهِ) أي في اللحد (مِمَّا يَلِي القِبْلَة) بأن توضع الجِنَازة

<<  <  ج: ص:  >  >>