للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْفَع لِلفَقِيرِ.

===

معنى «غير» ـ وهي العروض ـ. وفي بعض النُّسخ «قيمته» و «تملكه» بتذكير الضمير نظراً إِلى لفظ غير. (أَنْفَع لِلفَقِيرِ) أَي حال كون أَحدهما أَنفع له، لأَن في ذلك احتياطاً له.

وقال أَبو يوسف: إِنْ كان ثمنها من النقود قُوِّمَتْ بما اشْتُرِيَت به، وإِنْ كان من غيرها قُوِّمَتْ بالنقد الغالب، وقال محمد: يقوَّم بالنقد الغالب كالمغصوب والمستهلَك.

قَيَّدَ «النيَّة» بعد التملك، لأَن النية لا تُعتبر إِلاَّ إِذا اقترنت بالعمل، كنية السفر لا تُعتبر إِلاَّ إِذا اقترنت بالسفر. فلو اشترى جاريةً ونوى بها التجارة، كانت للتجارة لاقتران النية بالعمل. وإِن نوى بها الخدمة، كانت للخدمة، فإِنْ نوى بها بعد ذلك التجارة، لم تكن للتجارة حتى يبيعها أَوْ يُؤجرها، فحينئذٍ ينعقد الحول على ثمنها.

وقَيَّدَ «التملك» بغير الإرث، لأَن التملك بالإِرث جبري لا اختياري، فلا يمكن اشتراط نيّة التجارة عنده. فلو تملكه بالإِرث لا تجب الزكاة، نوى التملك أَوْ لم ينو. وقال محمد: إِذا قارنت نيةُ التجارةِ الهبةَ، أَوْ الوصيةَ، أَوْ النِّكاحَ، أَوْ الخُلْع، أَوْ الصُلْح عن القَوَدِ ـ أَي القِصاص ـ لا تصير تلك العين للتجارة، لأَن النية لم تقارن عملها. ونقل الإِسْبِيجَابي عن القاضي الشهيد: أَنَّ هذا قول أَبي حنيفة وأَبي يوسف، وأَن قول محمد: إِنَّها تكون للتجارة.

ثم اعلم أَنَّ العُروض ـ بالضم جَمْع عَرَض ـ بفتحتين: حُطام الدنيا على ما في «المُغْرِب والصحاح»، والعَرْض بسكون الراء: المتاع، وكل شيء فهو عَرْضٌ سوى الدراهم والدنانير، كذا في «الصحاح». وقال أَبو عُبَيد: العُروض: الأَمْتِعَةُ التي لا يدخلها كَيْلٌ ولا وزنٌ، ولا يكون حيواناً ولا عَقاراً. فعلى هذا جَعْلُهَا هنا جَمْعَ عَرْض ـ بالسكون ـ أَولى، لأَنه في بيان حكم الأَموال التي هي غير النقدين والحيوانات، كذا في «النهاية».

والأَصل في ذلك ما في «سُنن أَبي داود» عن جعفر بن سعد: حَدَّثَني حبيب بن سليمان، عن أَبيه، عن سَمُرَةَ بن جُنْدُب: «أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يَأْمُرُنا أَنْ نُخْرِجَ الصدقَةَ من الذي نُعِدُّ للبيعِ». وسكت عليه، فهو حسن، وقرره غيره أَيضاً.

وأَمَّا قول صاحب «الهداية»: الزكاةُ واجبةٌ في عُروض التجارة كائنةً ما كانت إِذا بلغت قيمتها نِصاباً من الوَرِق أَوْ الذَّهب، لقوله صلى الله عليه وسلم فيها: «يُقَوِّمُها فيؤدي من كُلِّ مئتي درهم خمسة دراهم». فغير معروفٍ بهذا اللفظ. وفي «المستدرك» عن أَبي ذَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>