للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والهَلاكُ بَعدَ الحَوْلِ يَسْقُطُ بحِصَّتِهِ. والزَّكَاة في النِّصَابِ لا العَفْوِ،

===

وما رواه البخاريُّ من حديثِ ثُمَامَةَ: أَنَّ أَنساً حَدَّثه أَنَّ أَبا بكر كتَب (له) (١) الفريضة التي أَمَر اللهُ تعالى ورسوله: «مَنْ بلغتْ عِنْده من الإِبل صدقةُ الجَذَعَةِ (٢) وليس عنده جذعة وعنده حِقَّةٌ (٣) ، فإِنه تُقْبل منه الحِقَّة .... » الحديثَ. ولأَن أَداء البعير عن خمس من الإِبل بدلاً عن الشاة جائز باتفاق مع أَنه غير منصوص، وذلك بطريق القيمة، وإِنَّما لم تَجُزْ القيمةُ في الضحايا والهدايا، لأَن القربة فيهما إِراقة الدم، وهي غير معقولة المعنى (٤) ، وفي المُتَنَازَع فيه سدّ حاجة الفقير، وهو معقول.

(والهَلَاكُ بَعدَ الحَوْلِ يَسْقُطُ) من الزكاة (بِحِصَّتِهِ) أَي بِحِصَّةِ الهالِك، فإِنْ هلك جميع النصاب سقط زكاته، وإِنْ هلك بعضه سقط ما يَخُصُّه (٥) . وقال مالك والشافعي وأَحمد في رواية: لا يسقط. ومبنى الخلاف: على أَنَّ الوجوب في الذِّمة، وهو قولهم، أَوْ في المال وهو قولنا.

ولنا قوله تعالى: {وفي أَمْوَالِهِم حَقٌّ} (٦) ، وقوله صلى الله عليه وسلم «في أَربعين شَاةً شَاةٌ، وفيما سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْر» (٧) . فأَما الاستهلاك فلا يسقط اتفاقاً لوجود التعدي. ولو هلك النصاب بعد طلب الساعي لا يسقط عند العراقيين، وهو اختيار الكَرْخِي، لأَنه نوعٌ من التعدي، ويسقط عند مشايخ ما وراء النهر، وقيل: وهو الصحيح، كما لو هلك النِّصاب بعد طَلَب واحدٍ من الفقراء.

(والزَّكَاةُ في النِّصَابِ لا العَفْوِ): وهو ما بين النِّصَابَيْن، وهذا عند أَبي حنيفة وأَبي يوسف. وقال محمد وزُفَرُ: في مجموع النصاب والعَفْو، لقوله صلى الله عليه وسلم في كتاب الصدقة في الإِبل: «فإِذا بلغت خمساً وعشرين إِلى خَمْس وثلاثين ففيها بِنْتُ مَخَاض (٨) ، وفي الغنم إِذا كانت أَربعين إِلى عشرين ومئة ففيها شاة» (٩) . ولهما قوله


(١) سقط من المطبوع.
(٢) تقدم شرحها ص: ٤٨٥، تعليق رقم (٦).
(٣) الحِقّة: - من الإبل - هي التي أَتَّمت الثالثة من عُمرها ودخلت في الرابعة. معجم لغة الفقهاء، ص: ١٨٣.
(٤) أي غير مدركة العِلَّة.
(٥) في المطبوع: بحصته، وما أثبتناه من المخطوط.
(٦) سورة الذاريات، الآية: (١٩).
(٧) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
(٨) تقدم شرحها ص: ٤٩٢، تعليق رقم (١).
(٩) تقدم تخريجه عند المؤلف ص: ٤٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>